سميحة شتا منذ بدء الصراع فى 15 أبريل 2023، لا تزال الفصيلتان المتحاربتان فى السودان عالقتين فى صراع مميت على السلطة، حيث قُتل عشرات الآلاف، ونزح أكثر من 12 مليون شخص، مما أدى إلى أسوأ أزمة نزوح فى العالم، وفر ما يقرب من 2 مليون نازح سودانى إلى مناطق غير مستقرة فى تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان واجتاحوا مخيمات اللاجئين وأثاروا مخاوف من أن اللاجئين السودانيين قد يحاولون قريبًا دخول أوروبا، وتواصل الأممالمتحدة المناشدة للحصول على المزيد من الدعم حيث يحتاج أكثر من 25 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وتؤدى مخاطر الأمن الغذائى المتدهورة إلى «أكبر أزمة جوع فى العالم». ومما زاد من تفاقم الأزمة، أن الأمطار الغزيرة والفيضانات التى شهدتها البلاد من يونيو إلى سبتمبر أثرت على ما يقرب من 600 ألف شخص، مما أدى إلى نزوح أكثر من 172.500 شخص وتسبب فى تدمير شديد للمنازل والبنية الأساسية، وساهم فى تفشى وباء الكوليرا من جديد، وتواجه المناطق الأكثر تضرراً، بما فى ذلك البحر الأحمر وشمال دارفور، مخاطر متزايدة من المجاعة، مما يؤدى إلى تفاقم التحديات التى يواجهها السكان الذين يعانون بالفعل من الصراع وعدم الاستقرار. اقرأ أيضًا | الأممالمتحدة: الحرب في غزة قضت على تنمية 60 عامًا وقد سعت مصر خلال فترة الحرب إلى حل الأزمة من خلال الدعوة لاستضافة مؤتمرات سلام بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين، فى إطار حرصها على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة التى يمر بها. ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السوداني، وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان. ومؤخرا التقى وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى مع مجموعة من الوزراء السودانيين فى بورتسودان وبحث معهم سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين بما فى ذلك مسألة إعادة الإعمار بعد التوصل لوقف إطلاق النار فى السودان. وقد أعلن عبد العاطي، مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع نظيريه الصومالى والإريترى عن اتفاق الدول الثلاث على العمل لوقف إطلاق النار فى السودان، مع التركيز على إعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية وحماية وحدة أراضيها. وأكد الوزير على ضرورة دعم جهود تعزيز استقرار السودان، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على وحدة الدولة السودانية وتقديم الدعم اللازم لمؤسساتها لضمان استقرار المنطقة. وفى 21 يناير استضافت مصر، بصفتها الرئيس الحالى لعملية الخرطوم، ندوة رفيعة المستوى بعنوان «تحسين الاستجابة الإنسانية والتنسيق الإقليمى للسودان من خلال تقاسم أكثر فاعلية للأعباء والمسئولية». يأتى ذلك فى إطار جهود مصر لدعم الاستقرار فى السودان الشقيق، وتسليط الضوء على التداعيات الإنسانية للأزمة الراهنة فى السودان وتأثيرها على دول الجوار. وأشار السفير الدكتور وائل بدوى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر، فى كلمته خلال الندوة، إلى أهمية انعقاد الندوة فى ضوء التداعيات الإنسانية المرتبطة بالأزمة السودانية داخليا وفى دول الجوار المباشر، وعلى مصر بوجه خاص، نظرا لاستقبالها أكبر عدد من النازحين السودانيين منذ اندلاع الأزمة فى أبريل 2023. واستعرض الخدمات التى تقدمها الدولة المصرية للاجئين السودانيين، خاصة فى قطاعات الصحة والتعليم، وعدم إقامة معسكرات لاستقبالهم، بالإضافة إلى الجهود المصرية المستمرة لدعم التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة فى السودان، مؤكدا أهمية التعاون الدولى والشراكات للتعاون فى مواجهة تدفقات اللاجئين، أخذا فى الاعتبار حرص مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه اللاجئين، وأيضا تفعيلا لمبدأ تقاسم الأعباء والمسئولية مع شركائنا الدوليين والمنظمات الأممية المعنية، والمنصوص عليه فى العهد الدولى للاجئين. ومن جهته، حرص وفد السودان على التعبير عن الامتنان لمصر لمبادرتها بالدعوة لتنظيم الندوة رفيعة المستوى، وعلى الدعم الذى تقدمه للسودان فى إطار هذه الأزمة الإنسانية.. واستعرض حجم التحديات الإنسانية التى يواجهها أكثر من 12 مليون نازح سودانى داخلياً، فضلاً عن لجوء أكثر من ثلاثة ملايين آخرين إلى الدول المجاورة، حيث تستضيف مصر أكبر عدد من هؤلاء السودانيين، داعيا المجتمع الدولى للوفاء بتعهداته الإنسانية والتزاماته ذات الصلة.وفى ختام الندوة، أكدت الوفود الأوروبية المشاركة على التزامها بمواصلة التعاون مع مصر وباقى دول الجوار. اندلعت المعارك الأخيرة بين القوات المسلحة السودانية التى يقودها عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحتَ قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وبحلول أوائل أبريل، اصطفت قوات القوات المسلحة السودانية فى شوارع الخرطوم، وتم نشر جنود قوات الدعم السريع فى جميع أنحاء السودان، وفى 15 أبريل، هزت سلسلة من الانفجارات الخرطوم، إلى جانب إطلاق نار كثيف، واتهمت قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع كل منهما الآخر بإطلاق النار أولا. فى أوائل مايو 2023، أنهارت مفاوضات السلام بعد أن تخلت القوات المسلحة السودانية عن المحادثات التى توسطت فيها الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية، جاء ذلك فى أعقاب إعلان البرهان أن مبعوث الأممالمتحدة إلى السودان، فولكر بيرثيس، لن يُسمَح له بعد الآن بالتواجد فى البلاد، وهى علامة صارخة على رفض المتحاربين التعاون مع الجهود الدولية من أجل السلام، فى يونيو، اتخذت إدارة جو بايدن تدابير لتعزيز المساءلة لأولئك المتورطين فى الصراع، فرضت الولاياتالمتحدة قيودًا على تأشيرات الدخول على قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وكذلك أولئك التابعين لنظام البشير السابق، وفرضت عقوبات على شركات التعدين التابعة لقوات الدعم السريع والشركات التى تدعم عمليات القوات المسلحة السودانية، ورفعت مستوى الاستشارات التجارية للسودان. وفى ظل ضغوط من الحكومات الأجنبية وجماعات حقوق الإنسان، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف المفاوضات التى تقودها الولاياتالمتحدة والسعودية فى أواخر أكتوبر 2023. ومع ذلك، لم يوافق أى من الجانبين على وقف القتال أثناء استمرار المحادثات. وقد فشلت المفاوضات السابقة حيث لم تلتزم الفصائل المتحاربة بأى محاولات لاتفاقيات وقف إطلاق النار. وفى ديسمبر، تأجلت المفاوضات فى جدة للمرة الثانية بعد أن لم يوافق أى من الجانبين على الوفاء بالتزاماته، بما فى ذلك اللباقة أثناء المفاوضات وتسهيل المساعدات الإنسانية. وبعد شهر، علقت القوات المسلحة السودانية أيضًا الاتصال بالهيئة الحكومية الدولية للتنمية، وهى كتلة إقليمية فى شرق إفريقيا تحاول إنشاء منتدى بديل للوساطة. وفى الثامن من مارس 2024، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يدعو إلى وقف فورى للعنف فى السودان، وبعد بضعة أيام، وافقت القوات المسلحة السودانية على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع قوات الدعم السريع، ومع ذلك، أنهارت المحادثات فى 11 مارس.