فى عالم يزداد سخونة يوماً بعد يوم، لم تعد الكوارث المناخية مجرد تهديد مستقبلي، بل أصبحت واقعاً نعيشه الآن، فبين حرائق الغابات المدمرة فى كاليفورنيا والسيول العارمة فى السعودية، تكشف التقارير العلمية الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ووكالة ناسا، ووكالة كوبرنيكوس، أن عام 2024 شهد تجاوز درجات الحرارة العالمية عتبة 1٫5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. هذه العتبة التى طالما حذر العلماء من تجاوزها، أصبحت الآن حقيقة واقعة، مما يضع العالم على حافة أزمة مناخية غير مسبوقة. ويقول الخبراء إن هذه الأحداث المتطرفة ليست مجرد صدفة، بل هى نتيجة مباشرة للتغيرات المناخية التى تتفاقم بسرعة. اقرأ أيضًا| تقرير: الكوارث المناخية والضغوط التنظيمية تدفع نحو الاستدامة في الأعمال وتؤكد دراسة حديثة نشرها معهد ماكس بلانك الألمانى أن تجاوز عتبة 1٫5 درجة مئوية يعزز التوقعات بحدوث المزيد من الظواهر المناخية المتطرفة، مثل حرائق كاليفورنيا الأخيرة والسيول التى شهدتها مدن سعودية، كما حذرت الدراسة من أن كل زيادة فى درجات الحرارة تزيد من فرص حدوث تأثيرات كارثية على البيئة والمجتمعات الإنسانية. وكشفت دراسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ، عن أن تغير المناخ يؤدى إلى تسريع تفاقم الجفاف، وتدهور الأراضى الزراعية، وزيادة فرص حدوث الفيضانات والحرائق فى مناطق متنوعة من العالم. ولفتت إلى أن هذه التغيرات سيكون لها تأثيرات مدمرة على الأمن الغذائى والمائي، وتضر الاقتصاد العالمى بشكل غير متساوٍ، مما يزيد من حدة الأزمات الاجتماعية ويخلق تحديات جديدة للحكومات والمجتمعات. وفى هذا السياق، قالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لقد انتهى زمن الإنكار المناخي!». وأضافت: «المعطيات العلمية والتقارير العالمية لا تترك مجالا للشك، فقد بدأ عام 2025 بكوارث مناخية، وكان عام 2024 مليئا بالكوارث التى طالما حذرنا منها، وفى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدنا موجات حر قاسية، وجفافا مدمرا، وفيضانات غير مسبوقة، وأزمات مياه شديدة». اقرأ أيضًا| «الحرائق والأعاصير».. 20 كارثة مناخية الأكثر تكلفة في عام 2023 ويتوقع د. مجدى علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، مزيدا من الكوارث المناخية، قائلاً: «ما نراه اليوم هو مجرد بداية لتأثيرات كارثية لا يمكن تجاهلها، فالمنطقة العربية، بما فيها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعد من أكثر المناطق تضررا، وهذا يتطلب استجابة عاجلة من جميع الحكومات والقطاع الخاص.». وأكد د. علام أن تجاوز عتبة 1٫5 درجة مئوية فى سنة واحدة لا يعنى بالضرورة فشل العالم فى الالتزام بهدف الحد من الاحترار طويل الأمد المنصوص عليه فى اتفاق باريس، ولكنه دعوة إلى تكثيف الجهود بشكل أكثر فاعلية. وقال: «يجب أن تتحول المطالب فى مؤتمر المناخ القادم إلى سياسات قوية قادرة على الحد من الانبعاثات، وتوفير الدعم للمجتمعات المتضررة، وتحقيق العدالة المناخية فى المنطقة التى تعد من أكثر المناطق تأثراً بالتغير المناخي». وفى ظل هذه التحذيرات العلمية المتلاحقة، لم يعد هناك مجال للتأجيل أو الإنكار، فالعالم يقف عند مفترق طرق، حيث يتطلب التصدى للتغير المناخى إرادة سياسية قوية، وتعاونا دوليا غير مسبوق، وانتقالا سريعا نحو اقتصاد منخفض الكربون، فالكوارث المناخية التى نشهدها اليوم هى نداء استغاثة من كوكبنا، فهل سنستمع قبل فوات الأوان؟