قبل نحو 14 عامًا وبالتحديد في أولمبياد لندن 2012 كنت مرافقًا لأحفاد الفراعنة فى مهمة المنسق الإعلامى وبمجرد وصولنا إلى مطار هيثرو العظيم بإنجلترا شعرت بأننا نعيش فى أجواء الأمم الأفريقية التى استضافتها مصر في 2006 من فرط المشاهد التى رأيتها، فالإنجليز لم يتركوا شيئًا إلا واستنسخوه من البطولة الأفريقية التى كانت مصرنا قد تألقت فى تنظيمها وتقديمها إلى القارة السمراء فى ثوب مبهر تحت قيادة وإشراف مباشر آنذاك من هانى أبوريدة مهندس البطولات القارية والعالمية الأشهر فى تاريخ الكرة المصرية، حتى إننى تخيلت أن الإنجليز استعاروا المتطوعين والمتطوعات الذين زينوا أفريقيا 2006 للقيام بنفس الأدوار فى لندن 2012 ، وكانت «الماما أفريكا 2006» آنذاك تجسيدًا لخبرات وتجارب سنوات بعيدة تمرس فيها أبوريدة فى ملف الإدارة الكروية قاريًا وعالميًا من خلال محاكاة خبراء وأباطرة الفيفا والكاف ممن يحكمون ويتحكمون فى صناعة كرة القدم فى العالم، وكانت أيضًا هذه الخبرات سببًا محوريًا فى أسبقية مصر عن إنجلترا العظمى فى تنظيم الأحداث الكروية بنحو 6 أعوام هى الفترة الزمنية بين ما شهدته فى القاهرة 2006 وما وجدته فى لندن 2012. هذا المشهد الذى يسكن فى ذاكرتى قرابة 12 عامًا بما يتضمنه من تفاصيل أخرى يكثر ذكرها وجدته يلاحقنى فى أعقاب خسارة الأهلى من باتشوكا الضعيف وابتعاده عن نهائى المونديال الحلم الذى راود كل مصرى، وهو نفس الشعور الذى انتابنى عقب ضياع ميدالية أولمبية من مصر فى باريس 2024 بعد ملحمة تاريخية قدمها الفراعنة أمام فرنسا ولامسوا الميدالية لمدة 83 دقيقة ولكن الأمور تبدلت فى 7 دقائق وتحولت تجاه الفرنسيين واكتفت كتيبة البرازيلى ميكالى قائد الفراعنة بإنجاز المركز الرابع الذى لم يتحقق منذ 60 عامًا، وحتى فى لعبة اليد نجد مصر راكزة فى منطقة الستة العظماء عالميًا دون التقدم نحو منصة البطل.. والسؤال الآن لماذا سبقنا انجلترا فى التنظيم بنصف دستة من السنوات، وما سر وقوفنا عند حاجز ملامسة الميداليات دون إحرازها؟! قناعاتى أن الأسبقية جاءت لأننا نمتلك كوادر بشرية مؤهلة ومسايرة لأحدث صيحات التنظيم آنذاك متمثلاً فى أبوريدة؛ أما الثانية فكانت الإجابة على لسان المدرب البرازيلى العبقرى ميكالى فى أعقاب خسارتنا غير المستحقة من فرنسا فى الدور قبل النهائى للأولمبياد، يومها ظل ميكالى حزينًا وصامتًا ومتألمًا لفترات قاربت على صباح اليوم التالى، وبعد محاولات منا نجحنا فى إخراجه عن حالة الصمت قائلاً: الخسارة من فرنسا أضاعت منا حلم الذهب والفضة وربما البرونز، أشعر بأن قاطرة عملاقة مرت فوق جسدي، لم أكن أتوقع الخسارة! ثم انتقل ميكالى للكلام عن ضرورة وجود مشروع قوى لبناء جيل يكون قادرا على مقارعة المدارس العالمية، أى إنجاز لا بد أن يسبقه مشروع بعيد المدى يتخلله عمل ضخم وتخطيط مدروس ومنظم، وبدون ذلك سيظل الإنجاز مجرد صدفة ربما يحدث وربما لا يحدث؛ وهنا تبرز أهمية وضرورة وجود خطط واستراتيجيات ومشاريع فى كرة القدم وغيرها من الألعاب الأخرى من أجل تحقيق الألقاب والميداليات العالمية الأولمبية على صعيد الأندية أو المنتخبات أو أبطال الألعاب الفردية، وما يدعو للتفاؤل أن الوزير الناجح د.أشرف صبحى قد شرع فى ذلك بالفعل، والدليل وجود ميكالى على رأس القيادة الفنية لمنتخب الشباب إلى جانب تواجد خبراء عالميين فى التدريب بألعاب اليد والجودو والجمباز والبقية تأتي، مع التأكيد على ضرورة وجود مشاريع لصناعة الإنجاز العالمى فى الأندية المصرية خاصة الكبيرة حتى نتجنب السقوط فى لحظات التتويج عندما نواجه مدارس كبرى .. ظاهرة تكرار ملامسة الإنجاز دون تحقيقه تستحق منا الدراسة والتخطيط .. وإلى لقاء جديد.