وزير التنمية المحلية يتابع مع وفد البنك الدولى الموقف التنفيذي لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء العدوان إلى أكثر من 8455 معتقلا    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    ربيعة عن مواجهة مازيمبي: هدفنا الفوز في كل المباريات    التحقيق مع المتهم بهتك عرض بابنته داخل شقته في حدائق أكتوبر    نجوم الفن يشاركون في تكريم اسم الفنان أشرف عبدالغفور بالمسرح القومي    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    انقطاع خدمة الإنترنت الثابت فى وسط وجنوب غزة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    أسعار السمك في أسيوط اليوم الخميس    مواجهة اتحاد جدة تشهد عودة ميتروفيتش لصفوف الهلال    الإثارة تزداد في مجموعة النيل.. خسارة الأهلي المصري وأهلي بني غازي الليبي    تفاصيل اليوم الأول للبطولة العربية العسكرية للفروسية للألعاب الأولمبية| صور    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    السكة الحديد: أنباء تسيير قطار إلى سيناء اليوم غير صحيحة وتشغيل خط الفردان بئر العبد الفترة المقبلة    استجابة ل«المصري اليوم».. القبض على المتهم بقتل مزارع بطلق ناري في المنيا    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي للفصل الدراسي الثاني 2024 محافظة القاهرة    البنوك المصرية إجازة اليوم بمناسبة عيد تحرير سيناء 2024 وهذا موعد عودتها للعمل    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    شقو يكتسح شباك تذاكر أفلام السينما.. بطولة عمرو يوسف وأمينة خليل    رئيس المنصورة: أتمنى أن يحظى الفريق بدعم كبير.. ونأمل في الصعود للممتاز    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    صرف صحي الإسكندرية تستقبل وفدا أردنيا للوقوف على الإدارة المستدامة    تفاصيل سقوط فردي أمن وسائق بتهمة سرقة شركة بالسيدة زينب    مصرع عامل تعرض لصعق كهربائي بأكتوبر    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    بكام يا أخضر.. سعر صرف الدولار اليوم الخميس 25 أبريل 2024    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    قرار مهم من وزارة الصحة لتسهيل إجراءات تعديل التكليف واستلام العمل    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    تجربة بكين .. تعبئة السوق بالسيارات الكهربائية الرخيصة وإنهاء الاستيراد    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثرثرة محفوظ تزعجهم
بداية


علاء عبد الكريم
[email protected]
أصعب ما يصاب به المختل عقليًا؛ حين يظن أن الرب أرسله بدين جديد ليبشر به البشرية، وأنه ملهم من الله، زاعمًا أنه المختار والأفضل من كل البشر، ووجوده في هذا الزمان هو بمثابة بعث ثاني أتت به السماء ليوحد العرب ويهدي العالم، وأي خروج عن تعاليمه هو نوع من الانتحار، فالثورة الصناعية والتكنولوجية مثلًا هي في نظره والمنقادين من أعناقهم أصحاب الأفق الضيق إلى الهاوية السحيقة، انصراف عن منهج الله.
الدين بالنسبة له هو أن تكره حياتك رغم أن الله شرع الأديان كي نحتفل بالحياة، ولأن هذا المختل عقليًا صدق نفسه كذبًا وتضليلًا أنه الملهم الوحيد على الأرض؛ جعل من نفسه خدمًا وحارسًا للرجعية، فهو ومن على شاكلته من المتسلفة ينطبق فيهم قول فولتير: «إن الذي يقول لك أعتقد ما أعتقده وإلا لعنك الله، لا يلبث أن يقول لك أعتقد ما أعتقده وإلا قتلتك».
قبل 27 عامًا، واليوم كان جمعة؛ خرج من ظلام أول الليل ذلك الشاب المسلوب الإرادة والحرية أسير الفكر السلفي الوهابي – أصحاب الطريق المسدود- كأنه قادم من المجهول، تنبعث من نفسه المريضة نار الحقد المملوءة بالغل بفعل الأمير الجالس على فوهة الموت صاحب الخرافات وصانع كمائن دعاوي الحسبة، يتقدم الشاب الذي اختار طواعية عصا سيده، غير مدرك أنها سوف تتحول بعد دقائق قليلة إلى سكين غادر، بهمجية من الكاتب الكبير أديب نوبل الروائي والمفكر نجيب محفوظ الذي يخطو بتعب عبر سنينه الطويلة بصحبة مريده وصديقه الدكتور محمد فتحي إلى كازينو قصر النيل، لم يستشعر عم نجيب غدرًا من هذا الشاب الهمجي، ظنه أتى ليصافحه فمد أديب نوبل له يده ببشاشة وجه، فإذا بهجمة الجاهل فني الأجهزة الكهربائية وقد انحنى ليطعن نجيب محفوظ في رقبته بسكين جازًا شريان العنق هادفا قتله ظناً بفعلته الخسيسة هذه أنه يفتح لنفسه بابًا في الجنة لأنه حارب الكفر والجاهلية والخروج عن الملة، وتنفيذ شرع الله في الأرض بأوامر أميره.
وأمضى محفوظ عدة أسابيع بالمستشفى متجاوزًا مرحلة الخطر، غير أنه لم يتمكن من الكتابة بيده اليمنى أو السير لمدة ساعة يوميًا كما أعتاد قبل الحادث، ولأن نجيب محفوظ كان طيب القلب متواضعًا، قال عن هؤلاء الذين أرادوا قتله غيلة وغدرًا؛ «إلى من كفروني وحاولوا قتلي، أطلب منكم السماح لعدم مقدرتي على الوصول إليكم بفكري وثقافتي وتركتكم في هذا المستنقع».
المؤلم هو ما جاء وقتها في اعترافات المتهم فني الكهرباء في التحقيقات الي أجراها معه المستشار أشرف العشماوي، سرد المتهم محمد ناجي منفذ العملية تفاصيل الواقعة المؤلمة قائلًا: «عندما خرج من منزله ليقابل صديقه وجدت الفرصة سانحة لأنال شرف تنفيذ شرع الله فيه، وتقدّمت نحوه وأخرجت مطواة قرن الغزال من تحت ملابسى وطعنته في رقبته طعنة قاتلة»، كما أكد فى أكثر من مرة، أنه لم يقرأ أى رواية لنجيب، وأوضح أنه حاول قتله تنفيذًا لفتوى عمر عبد الرحمن، مفتى الإرهابيين آنذاك، بإهدار دمه لاتهامه بالكفر وارتداده عن الإسلام بسبب رواية «أولاد حارتنا»، يُتابع: «غادرت الموقع، وكنت قد نسيت أن أُكبر عليه أثناء الطعن، فقمت بالتكبير في سري»، وللغرابة أن المتهمين عندما سألهم المستشار أشرف العشماوي؛ هل كنتم تعرفون الأديب نجيب محفوظ؟!، ردوا عليه ردًا يثير الحزن في النفوس، ذكروا: «أنهم لم يكونوا يعرفون اسمه ولا شكله، وأن الوصف الذى جاءهم أنه رجل كبير في السن ويمشي بعكاز ويرتدي نظارة سميكة ويمشي ببطء وتوجد سماعة خلف أذنه، وتأكدوا أنه هو المطلوب»، هل هناك تعصب وإرهاب أكثر من هذا، من جماعة هي الأخطر على الإسلام.
ولأن الحكاية كان لها أول، إذن لابد وأن يكون لها نهاية..،
قضت المحكمة العسكرية على منفذ العملية الإرهابية وآخر بالإعدام، وبالسجن مدد متفاوتة على باقي المتهمين، وقالت المحكمة، فى حيثيات حكمها: «إن تلك الجماعة أرادت أن تجرح بأيدي عناصرها أمن وسلامة بلدهم، فكان الجرح أولى بهم وأوراق الدعوى تنبئ أن فلول الإرهاب تسعى دائمًا إلى التجمع وإعادة تكوين مجموعات تبغي اغتيال الرموز الفكرية، فما كان نجيب محفوظ إلا رمزًا للفئة المفكرة فتأججت بين ضلوعهم أن يكون مقتله كمن قتل المفكرين جميعًا».
في ذكرى ميلاده التي نعيش أجواءها هذه الأيام كان لا يمكن أن يفوتني الكتابة عن صاحب الحرافيش والتوت والنبوت والثلاثية وثرثرة فوق النيل، وغيرها من ابداعات من خط تاريخًا للحارة الشعبية، الصوفي من خلال شخصياته، فدائمًا وأبدًا ثرثرته تزعجهم.
وصدق أديب نوبل حين قال؛ «الدين ينبغي أن يكون منفتحًا، أما الدين الذي يغلق العقل فهو «اللعنة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.