الوطنية للانتخابات: فرز الأصوات في انتخابات النواب بالدوائر الملغاة يتم بمقار البعثات في الخارج    بعجز متوقع 44 مليار دولار، السعودية تعتمد ميزانية 2026 بأكبر إنفاق في تاريخها    ترامب: نشن حروبًا تجارية للحصول على مليارات الدولارات ولم نعد نحظى بالاحترام    موظفة بجامعة عين شمس تحصد أول ذهبية عالمية لمصر والعرب في الكاراتيه الحركي    محافظة الجيزة تكشف مفاجآت جديدة عن السيارة كيوت بديل التوك توك (فيديو)    برنامج تدريبي لطلاب طب عين شمس بالجامعة الأمريكية في القيادة وإدارة الأعمال    الأمين المساعد لحزب مستقيل وطن يكشف تفاصيل اجتماع القائمة الوطنية    البنك التجاري الدولي يجدد دعمه لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    محافظ الأقصر: افتتاحات يومية لمشروعات في كل المجالات خلال ديسمبر    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    رئيس جامعة المنصورة يدشن حزمة من الجوائز الكبرى للشركات الناشئة    الفيوم تتسلم 12920 جهاز تابلت تعليمي لطلاب الصف الأول الثانوي    في اليوم العالمي لإلغاء الرق.. ملايين الأشخاص ضحايا للعبودية الحديثة    تدمير الأسس.. العفو ك«استسلام» لفساد نتنياهو    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    وكيل وزارة الشباب بالدقهلية يلتقي كيان اتحاد طلاب تحيا مصر    غياب 4 نجوم عن مران ريال مدريد قبل مواجهة بلباو    مدرب العراق: أرغب في تحقيق بداية مثالية في بطولة كأس العرب    هيئة الرقابة النووية توقع مذكرة تفاهم مع نظيرتها السعودية    نقيبا الممثلين والسينمائيين في ماسبيرو لبحث التعاون المشترك    المتحف المصرى.. وتأسيس أكاديمية كبرى لعلم المصريات    مهرجان المنصورة لسينما الطفل يتلقى أكثر من 80 فيلمًا من مختلف دول العالم    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    نقيبا الممثلين والسينمائيين في ماسبيرو لبحث التعاون المشترك    جامعة سوهاج تبدأ في استلام أجهزة الحضانات لمستشفى شفا الأطفال    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    بوتين: إذا بدأت أوروبا حربا ضد روسيا فلن تجد موسكو قريبا "من تتفاوض معه"    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    المبعوثة الأمريكية تجري محادثات في إسرائيل حول لبنان    ماجد الكدواني يواصل التحضير لمسلسل «سنة أولى طلاق»    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    رسميًا.. بدء عملية اختيار وتعيين الأمين العام المقبل للأمم المتحدة    كأس إيطاليا.. موعد مباراة يوفنتوس ضد أودينيزي والقناة الناقلة    تشكيل هجومي للكويت أمام منتخب مصر    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    مصر ضد الكويت.. الأزرق يعلن تشكيل ضربة البداية في كأس العرب 2025    منتخب سلة سوهاج بطلاً لدوري الجامعات والمعاهد بدورة الشهيد الرفاعي ال53    حبس عامل مدرسة بالإسكندرية 15 يومًا بتهمة الاعتداء على 4 أطفال في رياض الأطفال    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    رئيس جامعة المنيا يشارك في "أسبوع البحث والابتكار بين مصر والاتحاد الأوروبي"    التعليم تُعلن جدول امتحانات نصف العام الدراسي 2026 وتكشف تفاصيل الإجازة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرصد الأزهر: حرية العقيدة مبدأ إسلامي أصيل ثبت بنص القرآن الكريم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 07 - 02 - 2021

قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن قضية حرية العقيدة وما يرتبط بها من حقِّ المواطنة للجميع، دون أدنى تمييز -باتت قضيةً مركزية في الفكر الإنساني الحديث، وفي القلب منه الفكر الإسلامي، وذلك منذ قيام الدولة الوطنية الحديثة، والنصّ على مبدأ حرية الاعتقاد في الدساتير الوطنية، والمواثيق والمعاهدات الدولية.
شاهد أيضا :«شومان» ردًا على «عصفور» : الأزهر أكبر داعم للمواطنة ويرفض التمييز
وأضاف المرصد في بيان له: أن الواقع يؤكد أن مبدأ حرية العقيدة مبدأ إسلامي أصيل ثبت بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}؛ حيث جعل الإسلام قضية الإيمان أو عدمه من الأمور المرتبطة بمشيئة الإنسان نفسه واقتناعه الداخلي- كما يقول الدكتور محمود حمدي زقزوق (ت.2019م)- طبقًا لما ورد في القرآن الكريم: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}.
وتابع: «بيَّن القرآن أن مهمة النبي – صلى الله عليه وسلم- تتمثل في التبليغ فقط، وأنه لا سلطان له على تحويل الناس إلى الإسلام فقال تعالى مخاطبًا نبيه - صلى الله عليه وسلم: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، وقال: { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} وقال: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ}، فإكراه الناس على الإيمان بدين من الأديان، من شأنه أن يولد منافقين لا مؤمنين، والإسلام يحارب النفاق والمنافقين أشدَّ حرب، وينطلق من أن خطرهم أَشد من خطر سواهم».
وأكد المرصد أن القارئ المنصف للسيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين، يجدها مليئة بالتطبيقات العملية لمبدأ حرية الاعتقاد، وما أنتجه تطبيق ذلك المبدأ من تعددية دينية في بلاد المسلمين، حيث طبَّقه النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في وثيقة المدينة التي نصَّت على أن للمسلمين دينهم ولليهود دينهم، وأكَّدت على أن يهود المدينة يُشكِّلون مع المسلمين أمة واحدة. وكذلك فى صلحه مع نصارى نجران، حين كفل لهم حرية اعتقادهم وممارسة شعائرهم الدينية، وفي فتح مكة حين لم يُجبر الرسول صلى الله عليه وسلم قريشًا على اعتناق الإسلام، رغم تمكنه وانتصاره، ولكنَّه قال لهم: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ».
وعلى منهاجه أعطى الخليفةُ عمرُ بن الخطاب النصارى من سكان القدس الأمانَ "على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم، لا يُضَارُّ أحدٌ منهم ولا يرغم بسبب دينه"، وغير ذلك الكثير من المعاهدات والتطبيقات في التاريخ الإسلامي.
واستطرد المرصد في بيانه: أنه مع نشأة الدولة الوطنية الحديثة القائمة على مبادئ حرية الاعتقاد والمواطنة، والنصّ على مبدأ حرية العقيدة في المواثيق والمعاهدات الدولية، أكَّد علماء الأزهر ذلك المبدأ، تطبيقًا لما أرساه الدين الإسلامي، وأزالوا ما علق به من ممارسات تاريخية انقضت بانقضاء أسبابها وسياقاتها، ووضَّحوا الثابت فيه والمتغير. فالإمام محمد عبده (ت.1905م) أحد أكابر علماء الأزهر ورائد التجديد في الفكر الإسلامي في العصر الحديث حين صاغ مسودةَ برنامج الحزب الوطني، نصَّ فيها على أن "الحزب الوطني حزب سياسي، لا ديني، فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وجميع النصارى واليهود، وكل من يحرث أرض مصر، ويتكلم لغتها منضم إليه؛ لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات.. وأن حقوقهم في السياسة والشرائع متساوية، وهذا مسلَّم به عند أخص مشايخ الأزهر".
ثم جاء العالم عبد المتعال الصعيدي (ت. 1966م) وأعدَّ دراسةً عن الحرية الدينية في الإسلام وناقش فيها الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، وخلُص إلى أن الحرية الدينية هي أن يكون للإنسان الحق في اختيار ما يؤديه إليه اجتهاده في الدين، فلا يكون لغيره حق في إكراهه على ما يعتقده بوسيلة من وسائل الإكراه، وإنما يكون له حق دعوته إليه بالإقناع بدليل العقل، أو بالترغيب في ثواب الآخرة والتخويف من عقابها. وأكَّد على أن الحرية الدينية في الإسلام "مطلقة لا تقييد فيها، وخالصة لا شائبة تكدرها، وليكون له بها فضل السبق على مُشرِّعي عصرنا فيما شرعوه من حرية الاعتقاد في دساتيرهم الحديثة، وهو فضل للإسلام عظيم الشأن في هذا الزمان".
وقد ذكر الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت (ت.1963م) في كتابه: "الإسلام عقيدة وشريعة" أن الإسلام حين يطلب من الناس أن يؤمنوا بعقائده لا يحملهم عليها إكراهًا؛ لأن طبيعة الإيمان تأبى الإكراه، ولا يتحقق إيمانٌ بإكراهٍ، وقد جاء في القرآن: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وجاء في خطابه لنبيه محمد – صلى الله عليه وسلم-: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، وإنما المبيح للقتال هو محاربة المسلمين، والعدوان عليهم، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثير من الآيات تأبى الإكراه في الدين؛ فقال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، وقال سبحانه: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}".
وقد أكَّد ذلك المعنى الأصولي الأزهري طه جابر العلواني( ت. 2016م) الذى أفرد لتلك المسألة كتابًا مستقلًّا، ناقش فيه مذاهب الفقهاء المسلمين وأدلتهم، والوقائع التاريخية في شأن حرية العقيدة، ليخلص في هذه الدراسة إلى أن حرية العقيدة مقصد من مقاصد الشريعة، وقيمة عليا وردت في حوالى 200 موضع من القرآن الكريم. ويؤكد العلواني في نهاية بحثه أن الإنسان المكرّم المستخلف المؤتمن أكبر عند الله، وأعز من أن يكلفه ثم يسلب منه حرية الاختيار؛ بل إن جوهر الأمانة التي حملها، والتي استحق بها القيام بمهمة الاستخلاف في الأرض، إنما يقوم على حرية الاختيار التامة الكاملة حيث {لا إكراه في الدين}.
وقد واصل الأزهر الشريف التركيز على قضية حرية العقيدة، اعتقادًا منه أن إقرار حرية الاعتقاد من مبادئ الإسلام الراسخة، وتكلَّلت اجتهادات الأزهر في تلك القضية في عهد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، بإطلاق وثيقة الأزهر للحريات عام 2012، إحدى وثائق الأزهر المهمة والتي تنصَّ على أن:" حريّة العقيدة وما يرتبط بها من حقِّ المواطنة الكاملة للجميع، القائم على المساوة التامة في الحقوق والواجبات، حجر الزّاوية في البناء المجتمعي الحديث، وهي مكفولةٌ بصريح الأصول الدستورية والنصوص الدِّينية القطعيّة؛ إذ يقول المولى عز وجل: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] ويقول :{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، ويترتّب على ذلك تجريم أيِّ مظهر للإكراه في الدِّين، أو الاضطهاد أو التمييز بسَبَبِه، فلكلِّ فردٍ في المجتمع أن يعتنق من المبادئ ما يشاء، دون أن ينقص ذلك من أهليته باعتباره مواطنًا حرًّا مسؤولًا عن تصرفاته، ودون أن يمسَّ حق عقيدته في الحفاظ على عقائده."
وأعاد الأزهر وإمامُه الأكبر، التركيز على تلك المعاني في مؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل" وما صدر عنه من إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك عام 2017، ثم في إعلان الأزهر الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي مطلع عام 2020.
ولا شكَّ في أن ترسيخ مبدأ حرية الاعتقاد والتعددية الدينية، من شأنه أن يكون له دور فاعل وبارز في مكافحة التطرف؛ فقضايا التعايش السلمي وقبول الآخر، دائمًا ما تكون في مرمى نيران المتطرفين وهجومهم نظريًّا وتطبيقًا، حيث يساهم ذلك الترسيخ في محاولة تشكيل صورة موضوعية- قدر الممكن- عن "الآخر" المختلف المتنوع، في مواجهة ثنائية تميز"الأنا" وقبوله، ودونية الآخر ورفضه، التي تنشرها وترتكز عليها جماعات التطرف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.