يعد منتدى إفريقيا الأول لمكافحة الفساد أولي خطوات مصر تجاه تنمية القارة السمراء خاصة أن الخطط التنموية والاستثمارية المستقبلية في الدول الإفريقية تحتاج إلي تضافر الجهود لوضع آليات واضحة ومحددة لمكافحة الفساد وتحقيق الترابط المعرفي بين جميع أنحاء القارة حول مخاطر الفساد علي جهود التنمية.. حيث إن القارة الإفريقية تخسر حوالي خمسين مليار دولار سنويا نتيجة التدفقات المالية غير المشروعة كما يقف الفساد عقبة أمام تحقيق أهداف أجندة التنمية 2063 باستنزافه لموارد القارة وإهدار جهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة. وجاء المنتدى الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ علي مدار يومين لتحقيق الترابط المعرفي بين جميع أنحاء القارة حول مخاطر الفساد علي جهود خطط تنمية القارة، كما أعطى المنتدى دفعة قوية للدول الإفريقية لتبني سياسات واعتماد خطط عمل وبرامج تؤدي للقضاء علي الفساد بالتعاون المشترك فيما بينها من خلال توصيات تعزز من فكرة الترابط القاري لمكافحة الفساد كان من بينها تضافر الجهود لوضع مؤشر إفريقي لقياس الفساد في أفريقيا بحيث يكون نابعا من السياق الأفريقي ومعبرا عن واقع الحال في القارة الأفريقية وخصوصيته مع مراعاة الفروق الفردية بين الدول الأفريقية بعضها البعض.. وحول أهمية وضع مؤشر إفريقي للفساد قال الخبير الاقتصادي د.علي الأدريسي استاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم إن العمل علي وجود مؤشر أفريقي لقياس الفساد في افريقيا يؤكد علي وجود رغبة حقيقية من جانب الدول الافريقية لمكافحة الفساد لأنه سيكشف مواطن الضعف في الأجهزة الإدارية و يراعي الفوارق بين الدول ووضع خطة لرفع كفاءة الاجهزة الرقابية، ومن المعروف وجود مؤشر مدركات الفساد الذي يصدر من منظمة الشفافية العالمية منذ عام 1995 والشفافية الدولية تقوم بإصدار سنوي لمؤشر دولي لملاحظة الفساد يرمز له اختصارً(»PI) يقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدي ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين حيث وضعت المنظمة تعريفا للفساد بأنه إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من اجل المصلحة الشخصية موضحا أن انتشار الفساد في البلدان النامية أكثر من غيرها وبالاخص الدول الافريقية.. وشدد د.الإدريسي علي ضرورة وضع جدول زمني لخروج موشر الفساد بأفريقيا مع مراعاة العمل علي إعداد خطة استراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد ومنعه بالقارة الأفريقية تشمل العديد من المجالات من خلال تشكيل لجنة مشتركة من الأجهزة المعنية بإعداد ومتابعة الاستراتيجيات الوطنية والخبراء بالدول الأفريقية. وقال إن مؤشر الفساد الإفريقي سوف يساهم في الاستغلال الامثل للموارد المتاحة بالقارة الافريقية و مواجهة محاولات النهب لثرواتها وظهرت في السنوات القليلة الماضية عديد من قضايا الفساد لشركات اجنبية تعمل في القارة الافريقية لذا فمن الممكن مع صدور المؤشر بشكله الدوري وضع قائمة سوداء بأسماء الشركات التي تورطت بأعمال فساد في احدي الدول الافريقية حتي يتم منعها من ممارسة اي استثمارات داخل القارة.. ويري د.كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولي أن أفريقيا في حاجة ملحة لمؤشر يتناسب مع طبيعة القارة ومشاكلها في مواجهة الفساد كبديل أو بالتوازي مع مؤشر الشفافية الدولية لمكافحة الفساد الذي يقيم الفساد في 180 دولة وفق 13 استطلاع.. وقال إننا نحتاج لمؤشر إفريقي ومسح واستطلاع يتناسب مع الظروف الاجتماعية والثقافة الموجودة في القارة السمراء مع تدريب أكثر شمولا للكوادر الإفريقية أو حتي تغيير وتعديل القوانين غير العادلة والتي تفتح الباب للفاسدين وحتي نقيم ايضا الفساد المرتبط بالعوامل الخارجية مثل الشركات الكبري العالمية.. وقال د.العمدة إنه وفقا للجنة الاقتصادية للأمم المتحدة فإن الأموال التي خرجت من افريقيا نتيجة الفساد تقدر بحوالي 1,5 تريليون دولار متعلقة بفساد شركات وانظمة وكبار الموظفين خلال آخر10 سنوات من 2009 الي 2019 منهم 60% جاء نتيجة فساد الشركات الكبري متعددة الجنسيات التي تنهب وتحول الموارد الافريقية و35 % نتيجة فساد الأنشطة غير القانونية للعصابات وتجارة السلاح والمخدرات والأعضاء البشرية و5% رشاوي لكبار الموظفين لذلك يجب أن تتحد القارة من أجل مواجهة الفساد. وأكد د.أحمد سعيد استاذ القانون التجاري الدولي بالجامعة البريطانية أن الفساد المالي والإداري يعد أحد أهم معوقات التنمية في افريقيا وهو من العوامل الطاردة للاستثمار المحلي والأجنبي علي حد سواء فكما يلتهم الفساد نتاج الاصلاحات الاقتصادية بالنسبة للحكومات فهو أيضا يحد من قدرات المستثمرين علي التنمية والاستثمارلذلك فمن مصلحة الشعوب توفير كل الامكانيات المتاحة لمكافحة الفساد من اجل تحسين مستوي المعيشة والسير في ركب التنمية، وخطة خاصة بها لمكافحة الفساد.. وأشار د.سعيد إلي أنه منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم كان اهم اولوياته مكافحة الفساد من اجل تهيئة مصر للتنمية فقام بتأسيس المجلس الاعلي لمكافحة الفساد كما قام بدعم المؤسسات الرقابية وخاصة هيئة الرقابة الادارية مما كان له عظيم الاثر في تطور ادائها، وكانت الخطوة الاهم متمثلة في تدشين الرئيس لقاعدة البيانات المركزية لمصر والتي سيكون لها عظيم الاثر في مكافحة الفساد المالي والاداري، كما دعم الرئيس التطور التكنولوجي للخدمات الحكومية مما يحد من التعامل المباشر بين المواطن والموظف الفاسد وكل تلك الخطوات المهمة كان لها دور كبير في تغيير موقع مصر علي مؤشرات الفساد العالمية، وكان اخرها اشادة منظمة الشفافية الدولية بالاجراءات التي تتخذها مصر لمكافحة الفساد مما ترتب عليه تحسن موقع مصر علي مؤشر المنظمة مما دعي العديد من الدول الافريقية والعربية السعي نحو تبادل الخبرات مع مصر للاستفادة من خبرتها وقصة نجاحها في مكافحة الفساد.. وقالت رانيا يعقوب خبيرة أسواق المال إن القارة الإفريقية غنية بثرواتها الطبيعية ولكنها من أكثر القارات التي أهدرت ثرواتها بسبب الفساد علي مدار سنوات، واتجاة دول القارة لوضع مثل هذا المؤشر يعتبر نقلة كبيرة في تغيير سياستها والبدء في التحول الاقتصادي تجاه التنمية المستدامة مشيرة إلي اتجاه دول القارة الي التحول الي الاقتصاد الرقمي وميكنة معاملاتها سيساعد علي قدرة تلك الدول في تقليل مؤشرات الفساد وتوجيه شعوبها نحو مستقبل اكثر اماناً وثقة في التعامل مع حكومتها، وسيأخذ بيد كثير من الدول التي مازالت تعاني من الفقر وانتشار الجرائم واهدار ثرواتها وقيادة مصر لهذا المنتدي يعد خطوة هامة لدور مصر الافريقي ويؤكد نجاحها في التحرك نحو التنمية المستدامة.