سر موتها.. على ذراعها

المشهد الذي عاشته الأم أكبر من أن تتحمله، صدمة أثقلت قدماها حينما رأت جسد فلذة كبدها، وقرة عينها يتدلى من أعلى سقف غرفتها والتي أرادت أن تحرق قلبها، وتذيقها مرارة فراقها، فالذنب سوف يثقل كاهلها أمام الخالق.
بح صوت الأم المريضة من النداء على ابنتها التي لم تستجب، وبصعوبة شديدة، وبقلب الأم انتابها قلق، ورهبة بأن هناك شيء أو مكروه أصاب ابنتها، من عدم استجابتها، قامت من فوق فراشها منحنية الظهر تتكئ على أذرع الأرائك، وتسير بخطوات يشوبها خوف من المجهول حيث ليس من عادة ابنتها عدم الاستجابة لها خاصة وأنها مريضة وملازمة للفراش.

وما إن أمسكت الأم وبأيد مرتعشة مقبض باب الغرفة، تجمدت الدموع في عينيها، وانتفض قلبها وكاد أن يخرج من صدرها، حيث جسد ابنتها يتدلى من أعلى سقف الغرفة، أطلقت صرخة مدوية تجمع على إثرها الجيران الذين سارعوا بإنزال جثة الفتاة الصغيرة، وفك الحبل من حول عنقها، وسط مشهد يبعث بالحزن والدموع التي انسابت على الوجوه، التي ابتلعتها الدهشة عندما أخبرهم أحد الأشخاص باكتشافه عبارة كتبتها الفتاة على ذراعها قبل أن تقبل على الانتحار، «كلمو.. رنا».
عصفت بالجميع الحيرة، وأثقلت رؤوسهم بالتساؤلات، بينما ينكس شقيقها رأسه حتى كادت جبهته أن تلمس الأرض، وبعين مغرورقة بالدموع، ومسحة حزن تعلو وجهه، وبصوت مبحوح يخبرهم بأنها صديقتها.
انتقل على الفور المقدم محمد الصغير رئيس مباحث قسم شرطة الهرم، لمعاينة مكان الواقعة وسط نحيب وبكاء الأقارب والجيران، وحل لغز هذه العبارة، واستدعى الفتاة التي تبين أنها صديقتها وبئر سرها، حيث أخبرته بأنها كانت تمر بحالة نفسية سيئة بسبب منع شقيقها لها بالذهاب إلى المدرسة، وتضييق الخناق عليها في الخروج، وذكرت بأنها حاولت الانتحار من قبل.
تم تحرير المحضر اللازم وأحيل إلى النيابة التي تولت التحقيقات، وصرحت بدفن جثة الفتاة بعد العرض على الطب الشرعي، وللوقوف على ما إذا كان هناك شبهة جنائية.