كنت أستمع منذ عامين لزميلتي الفرنسية وهى تحكى لي تفاصيل فيلم تسجيلي شاهدته في برنامج مراسل خاص وهو برنامج ينقل قضايا حساسة واقعية على شاشة القناة الفرنسية الثانية وله جمهور عريض في فرنسا وخارجها أيضا ونقلت أحداث الفيلم المفجع مشاهد حقيقية للتحرش الجماعي بمصر ...كانت تحاول ألا تحرجني بكلمة تسئ لي كمصرية موضحة إدانتها الشديدة لهذه الأفعال اللأنسانيه مؤكده على حبها لمصر وإعجابها بحضارتها الفرعونية في محاولة منها لإخفاء خوفها من زيارتها التي تتوق إليها في الوقت آنتا بتنى فيه حالة دفاع مستميتة وإصرار على أنها حوادث فردية وأن الإعلام كعادته يضخم الأمور ومصر بخير ويمكن لأي سائحة أوربية أن تزورها بلا خوف وأنني أتجول في شوارع بلدي بمنتهى الحرية ورجال مصر يمتلكون الكثير من النخوة ليدافعوا عن أية امرأة تتعرض لأي نوع من أنواع الأذى وأنهينا الحوار وزميلتي تتأرجح بين تصديقي وهى لم تعرف على الكذب من قبل وبين ما شاهدته في الفيلم اللعين ...وفى نفس العام كنت في زيارة لباريس وتحديدا في شارع الشانزليزيه لمحت إعلانا عن فيلم مصري في أكبر سينما فيه فإذا به فيلم 678 الذي ينقل ويناقش ظاهرة التحرش الجنسي في مصر كدت أخفى وجهي من الناس خجلا وغضبا ..فهل هذه هي الأفلام التي تكرمتم لترسلوها لتعرضوها في باريس لتنقل واقع مؤلم وتؤكد فكرة نبذل جهودنا لنفيها ...إن كانت هذه الظاهرة فرضت نفسها على الساحة وأصبح عرضها في السينما أمرا حتميا فتظل قضايا داخلية وليست قضايا تعرض في سينما أوربية شهيرة لتسئ إلينا جميعا وتقلل عدد السائحين وتشوه صورة مصر صاحبة الحضارة العريقة في عيون العالم وكان الأجدر بنا أن نرسل لهم أفلاما تعبر عن حسن ضيافتنا وجمال طبيعتنا وشموخ حضارتنا في ظروف اقتصادية كانت وما تزال في أمس الحاجة لعودة السياحة إلى مصر .. على صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرا تم عرض فيديو تحرش وتعرية فتاة بميدان التحرير وأتخيل غضب الكثيرين الآن منه وحزنهم بسببه ولكن أحدا لم يتخيل إحساسي كامرأة مصرية بالخارج مطلوب منها أن تبرر هذه الأفعال وأن تشرح وتردد جملة أنها حالات فردية واستشعر القلق يتسرب إلى نفسي من أن تكون الظاهرة كبيرة بالفعل وأنا وحدي من لا تدرك هذا وأنا وحدي من أعيش في فرنسا بعيدا عن مصر منذ 16 عام وأصر على أن أحتفظ في خيالي بصورة مصر الجميلة ..وربما آن الأوان لأواجه نفسي ..بل لنواجه أنفسنا جميعا ..ليس بحجم الظاهرة ولا بالانحدار الأخلاقي الذي وصلنا إليه ولكن بحقيقة جذور هذه الظاهرة الموجودة بالفعل ولا جدوى من نفيها أو تجميلها أو تبريرها وكانت لها بوادر منذ سنوات طويلة في الشوارع والمواصلات العامة ومن الواضح أنها تطورت لأسباب كثيرة منها إهمال الشباب وعدم توجيههم بأسلوب صحيح وانعدام القدوة والبطالة وتحول الخطاب الديني إلى خطاب مباشر يفصل العبادات عن الحياة والمعاملات أو يفصل المتدينين عن المجتمع المحيط بهم فلا يحاولوا مساعدته وهدا تيه بالحسنى وما تبثه القنوات من أفلام وكليبات وألفاظ وحوارات هابطة أطبقت على أنفاس الذوق المصري وجثمت على صدره فأدخلته غرفة الإنعاش .. كامرأة مصرية أيضا تابعت وبمنتهى الحسرة والألم تعليقات الناس ما بين شامت ومدافع عن الجناة ..وكأننا وصلنا إلى حد طرح مبادئنا في المزاد ..فهناك مواقف لا يختلف عليها عقلاء ...ولكننا تعودنا أن نخلط كل شئ بكل شئ ..السياسة بالدين بالرياضة بالثقافة بالسينما ...تقدمت الدول الغربية لأنها وضعت فواصل في كل جوانب الحياة فلا تقحم السياسة في حياة الناس ولا تتحول قضية تحرش وجسد فتاة إلى سببا في الشماتة أو إلى تصويرها على أنها مؤامرة لندافع عنها ونبررها فالضحية تبقى ضحية والمجرم مجرم في كل الظروف والأعراف ...التحرش لم يعد وحده هو المرض الظاهر في المجتمع فما بين الشماتة والتبرير أمراضا أخرى اكثر خطورة ...نحن جميعا أصبحنا فى أمس الحاجة لان نراجع قائمة مبادئنا وأخلاقنا ولنعلم إن ما نقبله على غيرنا اليوم سيقبله علينا الآخرين في الغد ..ولم يعد هناك مفر من قوانين رادعة تطبق وبقوة وبلا هوادة على كل من تسول له نفسه لارتكاب جريمة أخلاقية ليكون عبرة لغيره لعل هذا يدفع كل متحرش للتفكير بالعقاب قبل استخفافه كنت أستمع منذ عامين لزميلتي الفرنسية وهى تحكى لي تفاصيل فيلم تسجيلي شاهدته في برنامج مراسل خاص وهو برنامج ينقل قضايا حساسة واقعية على شاشة القناة الفرنسية الثانية وله جمهور عريض في فرنسا وخارجها أيضا ونقلت أحداث الفيلم المفجع مشاهد حقيقية للتحرش الجماعي بمصر ...كانت تحاول ألا تحرجني بكلمة تسئ لي كمصرية موضحة إدانتها الشديدة لهذه الأفعال اللأنسانيه مؤكده على حبها لمصر وإعجابها بحضارتها الفرعونية في محاولة منها لإخفاء خوفها من زيارتها التي تتوق إليها في الوقت آنتا بتنى فيه حالة دفاع مستميتة وإصرار على أنها حوادث فردية وأن الإعلام كعادته يضخم الأمور ومصر بخير ويمكن لأي سائحة أوربية أن تزورها بلا خوف وأنني أتجول في شوارع بلدي بمنتهى الحرية ورجال مصر يمتلكون الكثير من النخوة ليدافعوا عن أية امرأة تتعرض لأي نوع من أنواع الأذى وأنهينا الحوار وزميلتي تتأرجح بين تصديقي وهى لم تعرف على الكذب من قبل وبين ما شاهدته في الفيلم اللعين ...وفى نفس العام كنت في زيارة لباريس وتحديدا في شارع الشانزليزيه لمحت إعلانا عن فيلم مصري في أكبر سينما فيه فإذا به فيلم 678 الذي ينقل ويناقش ظاهرة التحرش الجنسي في مصر كدت أخفى وجهي من الناس خجلا وغضبا ..فهل هذه هي الأفلام التي تكرمتم لترسلوها لتعرضوها في باريس لتنقل واقع مؤلم وتؤكد فكرة نبذل جهودنا لنفيها ...إن كانت هذه الظاهرة فرضت نفسها على الساحة وأصبح عرضها في السينما أمرا حتميا فتظل قضايا داخلية وليست قضايا تعرض في سينما أوربية شهيرة لتسئ إلينا جميعا وتقلل عدد السائحين وتشوه صورة مصر صاحبة الحضارة العريقة في عيون العالم وكان الأجدر بنا أن نرسل لهم أفلاما تعبر عن حسن ضيافتنا وجمال طبيعتنا وشموخ حضارتنا في ظروف اقتصادية كانت وما تزال في أمس الحاجة لعودة السياحة إلى مصر .. على صفحات التواصل الاجتماعي مؤخرا تم عرض فيديو تحرش وتعرية فتاة بميدان التحرير وأتخيل غضب الكثيرين الآن منه وحزنهم بسببه ولكن أحدا لم يتخيل إحساسي كامرأة مصرية بالخارج مطلوب منها أن تبرر هذه الأفعال وأن تشرح وتردد جملة أنها حالات فردية واستشعر القلق يتسرب إلى نفسي من أن تكون الظاهرة كبيرة بالفعل وأنا وحدي من لا تدرك هذا وأنا وحدي من أعيش في فرنسا بعيدا عن مصر منذ 16 عام وأصر على أن أحتفظ في خيالي بصورة مصر الجميلة ..وربما آن الأوان لأواجه نفسي ..بل لنواجه أنفسنا جميعا ..ليس بحجم الظاهرة ولا بالانحدار الأخلاقي الذي وصلنا إليه ولكن بحقيقة جذور هذه الظاهرة الموجودة بالفعل ولا جدوى من نفيها أو تجميلها أو تبريرها وكانت لها بوادر منذ سنوات طويلة في الشوارع والمواصلات العامة ومن الواضح أنها تطورت لأسباب كثيرة منها إهمال الشباب وعدم توجيههم بأسلوب صحيح وانعدام القدوة والبطالة وتحول الخطاب الديني إلى خطاب مباشر يفصل العبادات عن الحياة والمعاملات أو يفصل المتدينين عن المجتمع المحيط بهم فلا يحاولوا مساعدته وهدا تيه بالحسنى وما تبثه القنوات من أفلام وكليبات وألفاظ وحوارات هابطة أطبقت على أنفاس الذوق المصري وجثمت على صدره فأدخلته غرفة الإنعاش .. كامرأة مصرية أيضا تابعت وبمنتهى الحسرة والألم تعليقات الناس ما بين شامت ومدافع عن الجناة ..وكأننا وصلنا إلى حد طرح مبادئنا في المزاد ..فهناك مواقف لا يختلف عليها عقلاء ...ولكننا تعودنا أن نخلط كل شئ بكل شئ ..السياسة بالدين بالرياضة بالثقافة بالسينما ...تقدمت الدول الغربية لأنها وضعت فواصل في كل جوانب الحياة فلا تقحم السياسة في حياة الناس ولا تتحول قضية تحرش وجسد فتاة إلى سببا في الشماتة أو إلى تصويرها على أنها مؤامرة لندافع عنها ونبررها فالضحية تبقى ضحية والمجرم مجرم في كل الظروف والأعراف ...التحرش لم يعد وحده هو المرض الظاهر في المجتمع فما بين الشماتة والتبرير أمراضا أخرى اكثر خطورة ...نحن جميعا أصبحنا فى أمس الحاجة لان نراجع قائمة مبادئنا وأخلاقنا ولنعلم إن ما نقبله على غيرنا اليوم سيقبله علينا الآخرين في الغد ..ولم يعد هناك مفر من قوانين رادعة تطبق وبقوة وبلا هوادة على كل من تسول له نفسه لارتكاب جريمة أخلاقية ليكون عبرة لغيره لعل هذا يدفع كل متحرش للتفكير بالعقاب قبل استخفافه