لقد أسعدني الحظ بأن أكون واحدة من بين حشد كبير من كبار المثقفين في مصر لحضور حفل توقيع آخر كتب الدكتور ثروت عكاشة الذي أقامته دار الشروق في بهو الفرست مول بالجيزة ، وهناك رأيت الدكتور عكاشة لأول مرة في حياتي وقد التف حوله جموع المثقفين يتحدثون إليه ويجيب عليهم بكل حب ورحابة صدر ، شخص مثقف متواضع سخي لا يبخل بالرد علي أي سؤال أو استفسار ، اقتربت منه وسلمت عليه وقلت له باستحياء شديد لقد قرأت كتابك " مذكراتي في السياسة والثقافة " فابتسم وربت علي يدي قائلا : شكرا فقلت : أنا التي يجب أن تشكرك علي هذا الإمتاع الثقافي الفريد . وكان الكتاب الذي احتفي به المثقفون مع صاحبه هو كتاب " الفن الصيني " أحد أجزاء موسوعة فنون الشرق الاقصي" والتي قال عنه الدكتور ثروت عكاشة لقد اخترت الصين لأنها أول مملكة تأسست مع بداية القرن (21 ق. م) حيث بدأت تاريخها المدون، ثم انقضت حقبة حفلت بنزاعات شرسة بين ممالك الصين المختلفة حتي تولي زمام الأمر الإمبراطور تشيني شي هو انج أول أباطرة أسرة هان عام 206 ق.م، فقضي علي النزعات الانفصالية، مؤسسا أول دولة مركزية موحدة متعددة القوميات..وعن اختياره عنوان العين تسمع والأذن تري لموسوعته الأشمل قال: "كنت متأثرا بمقولة المتصوف الجليل حسين ابن منصور الحلاج حين قال: تقوي الأذن علي ما تقوي عليه العين كما تقوي العين علي ما تقوي عليه الأذن فإذا المرء وحدة واحدة ذات حس واحد، وقريب من هذا تأكيد الأديب الفرنسي بول كولديل أن ألوان الصور التي تتأثر بها حاسة البصر تحمل معاني كثيرة لتصبح مصدر تنغيم فإذا العين تسمع والأذن تري. وبدأت الموسوعة بالفن المصري القديم في ثلاثة مجلدات ثم فن الروكوكو من العصر الروماني، واتجه إلي فن الشرق الأقصي، فأصدر كتاب الفن الهندي الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب ، ثم كتاب عن الفن الصيني، وقال انه انتهي من كتاب الفن الياباني وبذلك يكون قد استكمل فنون الشرق الأقصي". رحم الله مثقفنا الكبير الذي أرسي قواعد الثقافة في مصر وجعل منها أنهارا و روافد نستقي منها مدي العمر .