سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السيسي في قمة دول منظمة التعاون الإسلامي: التحديات التي يواجهها عالمنا الإسلامي تتطلب وحدة الكلمة والصف إقامة العدل والحفاظ علي الأمن والسلم علي رأس مقاصد ديننا الحنيف
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر لن تدخر جهدا لدعم وتعزيز عمل منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها المظلة الرئيسية للعمل الإسلامي المشترك في مختلف المجالات. وشدد الرئيس السيسي في كلمته بالقمة الإسلامية ال14 بمكةالمكرمة - علي أن مصر ستحرص علي الاستمرار في المشاركة بفاعلية في مختلف المبادرات التي تطلقها المنظمة وفي فعالياتها المتنوعة إيمانا بأن مقتضيات المسئولية وحجم التحديات التي يواجهها عالمنا الإسلامي تتطلب وحدة الكلمة والصف. وفيما يلي نص كلمة الرئيس: إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد في هذه البقعة الطاهرة، مدينة »مكةالمكرمة»، في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المعظم، ويسرني أيضاً أن أتوجه بخالص التقدير والشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين علي كرم الضيافة وحسن التنظيم، ولدوره البنّاء في إطار منظمتنا، وحرصه علي دعم العمل الإسلامي المشترك، والدفاع عن مبادئ العدالة واحترام سيادة الدول الأعضاء واستقرارها. إن منظمتنا العريقة ستحتفل في سبتمبر المقبل بمرور خمسين عاماً علي تأسيسها، وهو ما يجب أن يمثل فرصة مهمة لتقييم مسيرتنا ودراسة أوجه التطوير والدعم لآليات عمل المنظمة لتتواكب مع معطيات العصر الحديث، ومتطلبات تحقيق السلم والتنمية لشعوبنا، ومقتضيات الدفاع عن صورة ديننا الحنيف. ويهمني هنا، أن أؤكد أن مصر لن تدخر جهداً لدعم وتعزيز عمل منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها المظلة الرئيسية للعمل الإسلامي المشترك في مختلف المجالات، وستحرص مصر علي الاستمرار في المشاركة بفاعلية في مختلف المبادرات التي تطلقها المنظمة وفي فعالياتها المتنوعة، إيمانا بأن مقتضيات المسئولية وحجم التحديات التي يواجهها عالمنا اﻹسلامي تتطلب وحدة الكلمة والصف. فبدون هذه الوحدة كيف سيتسني لنا أن نواجه موجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والتوتر السياسي واﻷمني تجتاح عالمنا اﻹسلامي، وتهدد بتقويض دوله ومؤسساته من جذورها، وتحويله من فضاء رحب للتعاون والتكاتف لتحقيق مصالح الشعوب اﻹسلامية إلي ساحة استقطاب وتنابذ، ومصدر للإساءة لصورة ديننا ومجتمعاتنا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، مما لا شك فيه أن ظاهرة الإرهاب، بمختلف أشكالها، وما يواكبها من تطرف ديني وانتشار لخطاب الكراهية والتمييز، تأتي علي رأس التحديات التي تواجه عالمنا اﻹسلامي، بل واﻹنسانية جمعاء. ولقد بادرت مصر منذ سنوات طويلة بإطلاق الدعوة لتكثيف الجهود المشتركة للقضاء علي هذه الظاهرة بشكل كامل، ورفض محاولات ربطها بدين أو ثقافة أو عرق معين. إلا أن الأمر يتطلب تكاتف جميع الدول الإسلامية لتفعيل الأطر الدولية والإقليمية للقضاء علي الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف وسائر جوانب الظاهرة الإرهابية. وفي منظمة التعاون الإسلامي، فإن علينا مهمة مزدوجة، فبالإضافة إلي مهام مكافحة الإرهاب وما يتصل به من خطاب متطرف يتاجر بالدين ويشوه صورته وتعاليمه السمحاء، فإن هناك جهداً موازياً مطلوباً لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتمييز ضد المسلمين ونشر خطاب الكراهية ضدهم. ولنعلنها بوضوح، لم يعد مقبولاً السكوت علي خطاب التمييز والكراهية ضد العرب والمسلمين، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب والتطرف بديننا الحنيف الذي هو منها برئ. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إن إقامة العدل والحفاظ علي الأمن والسلم تأتي علي رأس مقاصد ديننا الحنيف، كما أنها في القلب من أولويات منظمتنا. ولا يستقيم أي حديث عن العدل والأمن والسلم في ظل استمرار القضية الفلسطينية بغير حل عادل وشامل يحقق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وعلي رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. لقد آن الأوان لمعالجة جذرية لأصل هذه المأساة المستمرة لأكثر من سبعة عقود، من خلال العودة الفورية لمائدة المفاوضات لإنهاء الاحتلال، وحصول الشعب الفلسطيني علي حقوقه الشرعية وغير القابلة للتصرف. هذا هو الطريق الوحيد للسلام العادل والشامل في المنطقة والعالم، كما أنه السبيل لقطع الطريق علي مزايدات الإرهابيين المتاجرين بمعاناة الأشقاء الفلسطينيين. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أينما نظرنا في عالمنا الإسلامي نجد أزمات معقدة وتحديات تستلزم وقفة جادة ونية خالصة للتوصل لحلول وطنية وسلمية لمشكلات عالمنا العربي والإسلامي. فمن ليبيا، التي مازالت تعاني من حالة انسداد سياسي وتفشي الإرهاب ونشاط الميليشيات والمرتزقة والتدخلات الأجنبية، إلي سوريا التي تعاني علي مدار أكثر من ثمانية أعوام من الاقتتال الأهلي والانتهاكات الإقليمية لحدودها والتدخلات الأجنبية في شئونها، ومن اليمن الذي مازال يعاني من جماعة الحوثي ومحاولتها الاستقواء بالدعم اﻷجنبي لفرض إرادتها علي سائر أبناء اليمن، وهجماتها الإرهابية المدانة علي الأراضي السعودية، إلي السودان والجزائر اللتين تمران بمرحلة دقيقة يحاول فيها أبناء هذين الشعبين الشقيقين إدارة مرحلة انتقالية في ظروف صعبة لتحقيق تطلعات مشروعة في الحرية وصياغة مستقبل هذين البلدين. في كل هذه البلدان الشقيقة، هناك تحديات جسام، وهناك حاجة لدعم سياسي وتعاون من كل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لدعم هؤلاء الأشقاء ومساندة خياراتهم وتطلعات شعوبهم الوطنية المشروعة، ومواجهة أي تدخلات خارجية في شئونهم، واستعادة مكانتهم وإسهامهم في العمل المشترك بين الدول العربية والإسلامية. ولا يفوتني في هذا السياق الإشارة إلي الوضع المقلق لأبناء جماعة الروهينجا المسلمة، ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسئوليته لتجنبيهم مخاطر السقوط في حلقة مفرغة من التطرف والإرهاب والعنف... فقد آن لهذه المعاناة أن تنتهي. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إن الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس منظمتنا العريقة يحفزنا جميعا للقيام بعملية تقييم شامل لتجربتها الرائدة في العمل اﻹسلامي المشترك وسبل تطويرها. ولعلكم ستتفقون معي علي أن نقطة البداية ينبغي أن تتمثل في التقييم الموضوعي للآليات القائمة في المنظمة، بهدف تطويرها وتحسين كفاءة استخدام موارد المنظمة. وفي إطار حرص مصر علي التفاعل مع آليات المنظمة، ومواكبة التحديات الجديدة في عصرنا، وتأكيداً للأولوية التي نوليها للقضايا الاجتماعية والثقافية، خاصةً تمكين وتعزيز دور المرأة، فقد حرصت مصر علي استضافة مقر منظمة تنمية المرأة بالقاهرة، ونتطلع لأن تمثل المنظمة نافذة مهمة لتعزيز دور المرأة في العالم الإسلامي، ودعم وبناء قدرات الدول الأعضاء في هذا المجال بالاستفادة من التجربة المصرية الفريدة في مجال المشاركة المجتمعية والسياسية للمرأة، كما يهمني أن أعلن أن مصر ستستضيف المؤتمر الإسلامي الوزاري للمرأة عام 2020. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لا يداخلني الشك في أن قمتنا هذه، التي تتطلع إليها أنظار الشعوب الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، ستكون علي قدر المسئولية والتحديات، وستمثل خطوة مهمة في طريق التنسيق والعمل الإسلامي المشترك بما يلبي طموحات شعوبنا. وفقنا الله جميعاً في خدمة قضايا الأمة الإسلامية.