من أصعب التحديات التي يمكن أن تواجه وطنا يحاول النجاة من طوفان فساد وإهمال ضربه لعقود ثلاثة ويسعي للخروج من نفق ثورات وتوترات ومواجهة إرهاب أنهكته لسنوات أن تكون سفن نجاته هي سبب غرقه وأن تكون أدوات نجاحه أول أسباب فشله!! بلا مواربة أتحدث هنا عن وزراء ربما يكون بعضهم من أصحاب الكفاءات لكنهم بصراحة يفتقدون الاحساس بالناس لا يدركون لغة التواصل مع الشارع يخاصمون المزاج العام، تصريحاتهم في كثير من الأحيان تمثل خناجر تفتح جروحا لا لزوم لها، يقودهم شبقهم للكلام إلي ما يضر أكثر مما ينفع. آخر واقعة لهذه النوعية من الوزراء تدعو بالفعل للدهشة والأسي ففي أجواء فرحة المصريين بالزيادات والعلاوات التي أعلنتها الدولة والتي تمثل حصاد صبرهم علي سنوات الإصلاح الاقتصادي القاسية وقبل أن يضع المواطن مليما واحدا من هذه الزيادات في جيبه يملأ أحد الوزراء المواقع الإلكترونية بتصريحات عن زيادات محتملة في أسعار الخدمة التي تقدمها وزارته في منتصف مايو القادم!! صحيح أن هذا التصريح الطائش الذي أطلقه الوزير قبل الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بأيام قليلة اختفي سريعا من المواقع والانترنت إلا أنه غرس رماح الشك في صدور المواطنين حول نوايا الدولة والتي تبدو صادقة في رفع المعاناة عن مواطنيها، وأثار قلقا وأحاديث غاضبة في الشارع واستدعي ظنونا عن لعبة حكومية قديمة اعتادها المصريون وهي انقضاض الحكومة علي أية زيادات في المرتبات عن طريق رفع أسعار السلع والخدمات!! سيادة الوزير أليس أمامكم من طريق سوي التنكيد علي المصريين وإلتهام زياداتهم القليلة، لا يغيب عن ذهن سيادتكم أن هناك 15 مليارا عجزا في تحصيل فواتير الخدمة التي تقدمونها والتي تسرق جهارا نهارا في كل شوارع مصر فماذا أنتم فاعلون؟! سيادة الوزير بعد هذا اللغط الذي أثاره تصريحك المحذوف لا نملك لسيادتكم سوي النصيحة اختر الوقت المناسب للكلام وقل خيرا أو اصمت والشعب سيكون »شاكر» لصمتك!