لا أري عجبا من مراجعة بعض أحكام الدستور، فهو ليس قرآنا، ولن يكون الأخير، فالتعديل يظل قائما طالما ان مصلحة الوطن تستدعي ذلك. أعرف دولة عربية »شقيقة جدا» غيرت دستورها خلال ساعتين، وبثت وقائع التعديل علي الهواء مباشرة، بينما التعديلات الدستورية في مصر لم تكن »سابقة التجهيز» وجرت علي مدي شهرين بعد جلسات حوار مجتمعي ضمت رجال السياسة والاحزاب والإعلام والصحافة والقضاء ورجال الدين والنقابات العمالية ثم جاءت موافقة مجلس النواب بأغلبية 531 نائبا ورفض 22 وامتناع نائبه عن التصويت. وسوف يطرح اليوم علي الشعب للاستفتاء وابداء رأيهم سواء بالموافقة أو الرفض. ولا أسمع ما يردده البعض بأن التعديلات الدستورية تأتي للترويج وزيادة فترة الحكم للرئيس السيسي، وهذا الكلام غير صحيح وفي غير محله ومغرض، فالقادم أصعب حيث مرحلة استكمال مشوار الانجازات والمزيد من الاستقرار وليست مرحلة الرفاهية واذا كان هؤلاء يتحدثون عن المادة 241 مكرر والتي نصت علي أن تنتهي مدة الرئيس الحالي بانقضاء 6 سنوات من تاريخ إعلانه رئيسا للجمهورية في 2018، ويجوز إعادة انتخابه لمرة ثانية .. فكانت هناك حيثيات علي الملأ بلورها د. علي عبدالعال رئيس مجلس النواب اولها الحاجة الماسة لتوفير أكبر قدر ممكن من الاستقرار السياسي والمؤسسي لاستكمال برامج البناء والتنمية وثانيها ان الواقع العملي أظهر عدم ملاءمة مدة السنوات الاربع للواقع المصري نظرا لقصرها الشديد، وهي مدة غير كافية لتحقيق أبعاد التنمية الشاملة والمستدامة والتي تستغرق وقتا اطول خاصة في مراحل إعادة بناء الدولة عقب الثورات وفي ظل أوضاع اقليمية غير مستقرة. ودعوني اسأل بصراحة هؤلاء.. اذا كان الرئيس يرغب ان يستمر في الحكم، فلماذا لم يفعل ذلك في دستور 2014، ولماذا الاستعجال في تنفيذ المزيد من الانجازات في أوقات قياسية وفوق العادة؟ الرئيس ياسادة رجل يخاف ربنا ويريد أن يسلم »مصر جديدة» لمن يحمل المسئولية بعده وهو مرتاح البال والضمير. ولا أتكلم عن أهمية الممارسة الدستورية وهي حق لكل مواطن مصري، ولا أظن أن أحدا قادر علي اللعب في دماغ المصري الواعي، ولا قادر علي تغيير قناعته الشخصية اذا احتكم الي العقل دون مؤثرات خارجية. لا احد يطلب من الآخر الموافقة العمياء أو الاعتراض الأعمي علي التعديلات الدستورية، ولا نريد مصادرة الرأي الآخر، ولا ان يتقاعس المصري عن ممارسة حقه الدستوري، نريد فقط ان نشارك وننزل الي صناديق الاقتراع لان المشاركة في حد ذاتها انتماء إلي هذا البلد العظيم، وواجب وطني وتجديد الثقة في الرئيس السيسي وتعد دفعة قوية له لاستكمال المشوار ورفع راية مصر عاليا.