حوار المجتمع المصري في العديد من القضايا التي تمس حياته ومستقبله ليس حوارا واحداً، فهو مجتمع متعدد الثقافات والاهتمامات والفئات الاجتماعية، وبالتالي متعدد الآراء والاتجاهات الفكرية، وإدارة أي حوار في هذا المجتمع تتطلب الاعتراف بتعدد مكوناته والصدق في التعامل معها، واحترام إرادتها، وهو مايمنح لأي حوار الفائدة المرجوة، بعيدا عن الشائعات الملفقة والاتهامات المسبقة، والحساسية المفرطة في تناول أي أمر يخص الوطن وأهله. حين قرأت ما نشرته الصحف عن تعهد رئيس البرلمان أمام الشعب بفتح حوار مجتمعي راقٍ وواسع حول التعديلات المطروحة بالدستور، يشمل جميع فئات الشعب ومكوناته، وجميع الآراء والاتجاهات، والسماح للجميع بالتعبير عن وجهات نظرهم بصدر مفتوح، وعقل واعٍ، وآذان صاغية راغبة في الفهم والإدراك، واعدا بأن تكون الإجراءات علي أكبر قدر من الشفافية والوضوح، طمعاً في الإصلاح السياسي والدستوري المنشود، وقوله في كلمته خلال أولي جلسات مناقشة البرلمان للتعديلات الدستورية إنها نابعة من المجلس بمبادرة من الأعضاء، وهم 155 عضوا، فهمت أن هذه التعديلات متاحة لإبداء الرأي فيها وعرض مختلف الآراء علي الشعب للمؤيدين والمعارضين علي السواء، دون تدخل أي جهة في الدولة،قبل وضع الصياغة النهائية لها،وأن الكلمة الأخيرة في النهاية للشعب، عبر استفتاء حر ومباشر، يذهب إليه الناس بكامل إرادتهم،وهو ما أتمني أن يتحقق بالفعل علي أرض الواقع وعبر جميع وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة، حتي تكون الممارسة الديمقراطية حقيقة يشعر بها الناس، ويشاركون فيها بفهم وإدراك وإعمال للعقل قبل العاطفة.