كل شيء حقيقي هو من الحياة ولأجل الحياة، أو بمعني آخر الحياة هي التي تهب كل شيء حقيقته، فالحياة هي الميزان الدقيق في قياس الحقيقة، لذا يجب أن تكون نظرتنا حيوية لكافة الشئون المتعلقة بالفكر أو الدين، وذلك حتي نستطيع متابعة حياتنا بشكل أفضل وأكثر إيجابية. وددت أن أبدأ مقالي اليوم بهذه المقدمة، وذلك لما لها من ارتباط وثيق بما كنت قد سردته في المقال السابق حول السبب الأول لاهتمامي بكتابة تلك السلسلة الخاصة ب (الدين والتجديد) في هذا التوقيت تحديدا، وكذلك الأمر بالنسبة للسببين الآخرين اللذين سيكونان محور حديثنا الحالي. ولعل السبب الثاني علي ما يبدو أنه كان كامنا بداخلي - علي شعره كما يقال - بانتظار شرارة لإطلاقه، وقد جاءت بالفعل عندما كنت أتبادل أطراف الحديث في إحدي مناقشتنا الثرية مع أستاذتي القديرة فريدة الشوباشي التي أكن لها كل حب واحترام، حيث روت لي وهي متأثرة، عندما كانت في مطار باريس، وطلب منها الموظف هناك جواز السفر كإجراء معتاد، وقبل أن يعطيها إياه أخذ يتمعن فيه، ثم قال لها متعجبا وهو يبتسم ما معناه : أنها تبدو علي الحقيقة أصغر بكثير مما هو مدون أمامه في جواز السفر!!!. فبادرته استاذتي وهي تبتسم ايضا بتلقائيتها التي يتخللها خفة ظل علي الطريقة المصرية قائلة : خمسة في عينيك ... الله أكبر . وفي تلك اللحظة كان قد زاد تأثرها وكانت مستاءة للغاية وهي تروي لي أن الاشخاص المسئولين عن حفظ الامن في المطار بعد سماع عبارة ( الله أكبر) تحديدا كانوا قد تأهبوا بأسلحتهم استعدادا لحدوث عمل ارهابي لا سمح الله!!!!!!. أيعقل أننا وصلنا الي هذه المرحلة المقلقة جدا التي تضع الاسلام كدين المسلم البريء مع المسلم الارهابي في سلة واحدة ؟ ولعل السؤال الاهم هو أين نحن مما يحدث ؟؟؟!!! وماذا فعلنا أو نفعل للتصدي لذلك ؟؟؟!!! وما هذا الخلط الحادث بين الاسلام دين الانسانية والسماحة والسلام من جهة وبين الارهاب من اجهة الآخري؟؟؟!!!. وكيف نستسلم لذلك دون ردود أفعال حقيقية جدية تتناسب مع خطورة وحجم ما يتم تداوله والترويج لهعن ديننا الحنيف؟؟؟!!!.