رئيس جامعة المنوفية يستقبل المدير التنفيذي لهيئة الفولبرايت الأمريكية    الأوراق المطلوبة للتقديم في المدارس المصرية اليابانية ولماذا يزيد الإقبال عليها ؟.. تعرف علي التفاصيل    ارتفاع حصيلة النقد الأجنبي في شركات الصرافة الحكومية ل 14.1 مليار جنيه| خاص    جاهزية 7 مواقع لتجميع وتوريد القمح بدسوق بكفر الشيخ    وزيرة التخطيط تشارك باجتماعات الربيع السنوية للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى    ب 3 مليارات جنيه.. تباين مؤشرات البورصة في منتصف تداولات اليوم    إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل    تفاصيل المرحلة الثانية من قافلة المساعدات السادسة ل "التحالف الوطني" المصري إلى قطاع غزة    وزير الخارجية يزور أنقرة ويلتقي نظيره التركي.. نهاية الأسبوع    فاروق جعفر: الزمالك يعاني من نواقص كثيرة والأهلي لم يستفد منها    مؤتمر كين: ندرك مدى خطورة أرسنال.. وتعلمنا دروس لقاء الذهاب    بالمر يشكر تشيلسي على منحه الفرصة للتألق في الدوري الإنجليزي    ضبط عاطل تاجر الهيروين في الشرقية    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادثتين بالشرقية    الكورنيش اختفى.. الشبورة المائية تغطي سماء الإسكندرية (صور)    ضبط 7 آلاف قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط تعاقد خلال 24 ساعة    الطب البيطرى بالجيزة يشن حملات تفتيشية على أسواق الأسماك    يعود بعد غياب.. تفاصيل حفل ماهر زين في مصر    أمير المصري يلعب دور نسيم حامد في فيلم the giant مع بيرس بروسنان    الفيلم المصري «شرق 12» يشارك في «أسبوعي المخرجين» بمهرجان كان السينمائي    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    هيئة الدواء تحذر من أدوية إنقاص الوزن عبر الإنترنت    جدول امتحانات الأزهر الشريف.. وتنويه مهم بشأن المقررات الدراسية    ضبط 23 مليون جنيه في قضايا اتجار بالعملة خلال 24 ساعة    "الصحة": ميزانية التأمين الشامل تتحقق تغطية ل 70% من المواطنين (فيديو)    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    بمعدل نمو 48%.. بنك فيصل يربح 6 مليارات جنيه في 3 شهور    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    تجديد حبس 3 أشخاص بتهمة تزوير محررات رسمية بعابدين    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    14 مشروعا كمرحلة أولى لتطوير موقع التجلى الأعظم بسانت كاترين    أحمد شوبير يكشف حقيقة مشاركة إمام عاشور في مباراة مازيمبي    ثلاثة مصريين في نهائي بلاك بول المفتوحة للاسكواش    توقعات برج الميزان في النصف الثاني من أبريل 2024: «قرارات استثمارية وتركيز على المشروعات التعاونية»    مستشار المفتي: مصر قدَّمت مع ميلاد جمهوريتها الجديدة نموذجًا محكما في التواصل العالمي    بذكرى ميلاده.. محطات فنية فى حياة الموسيقار عمار الشريعى    ربنا مش كل الناس اتفقت عليه.. تعليق ريهام حجاج على منتقدي «صدفة»    بنى سويف تنفذ اختبارات الانتقاء بدوري مراكز الشباب في نسخته العاشرة    وكيل الأزهر للعاملين ب "البحوث الإسلامية": الظروف المحيطة تحتاج مزيدا من الأداء    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    نائبة: الحكومة التي تترك المولات والمناطق والترفيهية وتقطع الكهرباء على المواطنين "فاشلة"    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    بالتزامن مع تغيير الفصول.. طرق الحفاظ على صحة العيون    بعد تصديق الرئيس، 5 حقوق وإعفاءات للمسنين فى القانون الجديد    بالأسماء، تنازل 21 مواطنا عن الجنسية المصرية    بعد الخسارة أمام الزمالك، جماهير الأهلي تطالب بعودة سيد عبدالحفيظ    موسكو: أوكرانيا تحولت إلى مخزن للأسلحة النووية التكتيكية الأمريكية في أوروبا    الصين تؤكد على ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    «صناعة الشيوخ» تطالب المجتمع الدولي بالتدخل لمنع تصاعد الصراع بالشرق الأوسط    معلومات الوزراء: الطباعة ثلاثية الأبعاد تقنية صناعية سريعة النمو    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    رئيس تحرير «الأخبار»: الصحافة القومية حصن أساسي ودرع للدفاع عن الوطن.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسهام في نهر الحياة
مدارات
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 12 - 2018

لا تنعدم النوايا الطيبة الصادقة في أي مجتمع .. بدائيًّا كان أم متحضرًا .. هذه النوايا الطيبة تحتاج إلي مناخ ملائم تدلي فيه بما لديها .. مناخ يجتذب ويشجع ويرعي أصحاب هذه النوايا للخروج من بحر السلبية ومن خضم المصالح الخاصة، للإسهام الصادق في نهر الحياة .
من وهدة القعودإلي قوة النشاط
كما أن السلبية تتفشي كالعدوي وتخلد إلي الراحة فتميل إلي التهاون والقعود، وتتناقل كالعدوي بين من درجوا عليها واعتادوها ومن لم يدرجوا عليها . فإن النوايا الطيبة تحمل في ثناياها بذرة الانتشار والعطاء، ولا تعدم وسائلها التي يتنادي بها أصحابها، فترعاهم وتكلأهم وتساندهم، وتكرس وتربي تعاونهم في الخير وتساندهم لالتزام وإزكاء الصواب، ليكونوا قوة مؤثرة مسموعة، تقدم للمجتمع حصاد نواياها الطيبة الصادقة، وصفوة خبرتها وجهودها ونشاطها وخدماتها وعطائها للإصلاح وتجميل الحياة .
تساند أصحاب النوايا الطيبة، يعينهم علي البذل والنشاط والتعاون، ويمهد لتقديمهم ما بوسعهم لبثّ الأمان والثقة والسلام، وحماية الأنفس والأعراض والأموال، وبث قيم الجمال والكمال، والمبادئ وأعراف الحياة الصحية التي يقرها الحكماء والعقلاء، ويحاكيها العامة ومستورو الحال في المجتمع .
الرسالات والنبوات قدوة
تلمس ذلك الاصطفاء في الرسالات والنبوات، فُيختار لها أصحاب هذه النوايا الصادقة، والهمة والعزم والحماس للحق والخير والصواب .
هذه الرسالات والنبوات، تصطفي بدورها وتجتذب بهدايتها وتجمع ذوي النوايا الطيبة الصادقة، ليكونوا عونًا ودعمًا لها لإخراج الناس من ظلام الضلال إلي نور الهداية واليقين . تنتقيهم من خضم الكثرة السلبية الغارقة في المصالح والأغراض والأهواء، المنصرفة عن الحق والرشد والصواب، الأسيرة لآفات الاعتياد واعتناق مذاهب الآباء والأجداد حتي ولو كانوا لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون .
هذه الزمرة الأمينة الصادقة، كانت الخط الأول الذي حمل أعباء رسالات الرسل والأنبياء المصطفين من الله للنهوض بها .. رأيناها في الحواريين الذين آمنوا والتفوا حول السيد المسيح عليه السلام، وصدقوه وحفظوه في قلوبهم وحملوا دعوته بعد رفعه إلي ربه، ورأيناها في الصحابة الأوائل الذين لبّوا الدعوة المحمدية وآمنوا بربهم وبرسوله، واحتملوا بنواياهم الصادقة ما احتملوه من عذاب وملاحقة وتنكيل، واحتملوا ترك أهليهم وديارهم والهجرة إلي الحبشة ثم إلي المدينة المنورة، وبذلوا في سبيل الدعوة أرواحهم وأموالهم، ورأيناها أيضًا في الأنصار الذين فتحوا قلوبهم وديارهم لاستقبال النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته، ودعمهم ومناصرتهم، حتي قوي عود الدعوة وانتشرت إلي العالمين .
حبل الخير لا ينقطع
لا ينقطع من الحياة تلك القصود الطيبة، والحماس المتوهج المفعم بالإصرار وحسن النية وصدق المقاصد والغايات .
قد تعترض المجتمعات أزمات تصيبها بفتور بسيط أو شامل يكاد يشبه الانطفاء، إلاَّ أنه لا يمكن بحكم السنن الكونية إلاَّ أن يكون مؤقتًا . بل وقد يكون مقدمةً لنقلة أو لتطورٍ جديد في حياة الفرد والمجموع، وقد لا نري سوي بداياته المترددة قبل أن تعرف النقلة أو تحدد طريقها .
ربما ساور الشك أو زادت شكوك أو يأس من ينحصرون في الهدير الصاخب الأعمي الذي يلابس المحيط، ومن يستهولون أو يغرقون في خضم الأنباء المتداولة عبر العالم كله في زماننا، والشغف بتلقفها هنا وهناك صباح مساء ..مقروءة ومسموعة ومرئية .. وغلبة ضخامة المصالح والتيارات والقوي السياسية والمالية التي وراء نشر أخبار معينة وبثها وإذاعتها علي أوسع نطاق، بغرض استخدام أثرها المقصود المرسوم للترويج لها واستغلال الميول والأذواق والاشتهاءات والمخاوف لدي الجمهور بما يوافق أغراضها وخططها، وما يصاحب هذا التدبير من تحويل فضول الناس كيما يملأ بهذه الأغراض فراغه القليل المتبقي له في مساعيه للرزق، أو ملء الفراغ الكثير الذي تتسع دوائره وتتجذر مع اتساع البطالة والتعطل.
وربما ساهم في ازدياد الشكوك واليأس ما صار يحيط بالناس من عشق الإنسان العصري للسرعة والعجلة في كل شيء، وتبرّمه وضيقه الذي لا يكتمه ولا يكتم إبداءه، ويعاف التأنّي والتمهل والتريث وانتظار وترقب ملاءمة الوقت ومؤاتاة الفرصة والظروف وتهيأ أوان الإنضاج أو تمام النضج !
مركز الاتزان
ولقائل أن يقول إن مركز الاتزان داخل الآدمي المتحضر قد انتقل وفارق تماما موضعه القديم في المائة عام الأخيرة .. ولم يستقر بعد في موضع معين جديد تلتف حوله عقائده ومصدقاته وترجع إليه نفسه في نهاية المطاف لتصويب خططه واتجاهاته .. ويمكن به أن يشتعل فيه ذلك الحماس غير العادي الذي يجتذب ذوي النوايا الطيبة.. إذا وجدوا !
لقد مرت قرون بين تخلخل مركز الاتزان في موضعه القديم، وبين مفارقته الكلية لذلك الموضع .. وهي قرون من الانطفاء الجزئي ومن اليقظة الجزئية .. في داخل وخارج الإنسان.. انطفاء في الروح ويقظة في المعرفة .. لم يتحقق ولم يمكن أن يتحقق باجتماعهما شيء خصب حيّ.. ولم يزوّد الآدميين برؤية شاملة سديدة لأنفسهم وعالمهم . بل أوقع عقلاءهم في الحيرة وأغرق عوامهم في السطحية والغفلة . نعم، ظهرت هنا وهناك فقاقيع غير قليلة من رؤي ومواقف واتجاهات ومذاهب .. معظمها عودة إلي الماضي القريب أو البعيد أو إلي الماضي الموغل في القدم .. ارتفع صوتها هذه الفقاقيع وانتشر صيتها، ولكن لفترة ثم طواها النسيان . وما كان لها إلاّ أن تنطمر لأنها حوّمت وطافت بالسطح، وخاضت في قضايا فكرية نظرية، فلم تبلغ أعماق الإنسان، ولم تمس منابعه ودفائنه التي تزوده بالطاقات النفسية لآماد .
لم يفطن الآدمي الفرد حتي الآن إلي أن إرادته وحدها وعقله وحده، لا يكفيان لتغيير مصيره أو مصير محيطه .. وأن ذلك يستلزم أن يكون محيطه في حالة خاصة تجعله مستعدا لقبول هذا التغيير واعتناقه ولو بعد مقاومة تقصر أو تطول ! وأن هذه الحالة ظرف لا غني عنه لاجتذاب وتشجيع ذوي النوايا الطيبة الصادقة للانضمام إلي الحماس المستبسل الصادق للخروج من وهدة الحيرة والسلبية التي تراكمت أسبابها بمضي الزمن وتراكمات السنين، والمساهمة الفاعلة المؤثرة الراشدة في نهر الحياة .. بدون هذا الاستعداد لدي المحيط، وتكريسه ورعايته، لا تنفع سلطة ولا قوة أيا كانت في نهضة المجتمعات، لأن الإعراض الداخلي للمحيط يحول دون وصول التغيير إلي أعماق الناس، ويجعل جميع المحاولات هشة متساقطة لا تصمد لمقتضيات وأسباب ودوافع وآمال الترقي الذي يرنو إليه العقلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.