بداية.. نعتذر للإخوة الأفاضل من علماء الأمة ورموزها الذين نذروا أنفسهم لقضايا حيوية.. بدءاً من إرضاع الكبير، وحتي إمكانية ممارسة الجنس في الجنة!! نعتذر لأننا سنترك هذه القضايا الاستراتيجية جانبا، لنكتب عن قضية صغيرة، نرجو أن تجد لها مكانا من الاهتمام والجدية وسط الكثير من الهزل الذي أصبح يحاصرنا! منذ شهور تتوالي التحذيرات من موجة هجرة لأطبائنا الشبان نقابة الاطباء لم تتوقف عن إثارة القضية، ووزيرة الصحة قالت قبل شهور إن المستشفيات التابعة للوزارة تعاني نقصا مريعا في الاطباء والتمريض، ونبهت إلي أن 60٪ من الاطباء سافروا للعمل بالخارج، الأرقام تقول إن عدد الاطباء في مستشفيات الصحة انخفض من 40 ألفا إلي 28 ألفا حاليا، وفي آخر تحذير تقول نقابة الاطباء إن علينا أن نواجه المشكلة بجدية والا فسيأتي يوم لن يجد فيه المصريون من يعالجهم!!. والمثير أن ذلك يأتي في وقت يتضاعف فيه الاهتمام بالصحة العامة للمصريين، وتنجح مصر نجاحا كبيراً في تجربتها الرائدة للقضاء علي فيروس »سي» وتبدأ الخطوات التنفيذية لإطلاق مشروع التأمين الصحي الكامل، وينطلق أيضا مشروع الفحص الشامل لصحة المصريين. خطوات هامة تستلزم مضاعفة أعداد الأطباء وطواقم التمريض وتكثيف التدريب المستمر لهم علي أعلي مستوي بالتوزاي مع إعداد المستشفيات وتجهيزها.. فكيف يتواءم ذلك مع تزايد هجرة الأطباء التي تكشفها أرقام الأطباء الذين يتركون العمل الحكومي.. كان الرقم قبل عامين هو 1044 طبيبا، وفي هذا العام زاد علي 2500 طبيب ومن الواضح أن أغلبهم يسافر للخارج للعمل في السعودية أو أوروبا وأمريكا. المسئولون في نقابة الأطباء يعددون المشاكل التي يعاني منها الاطباء الشبان والتي تدفعهم للسفر للخارج للعمل أو الهجرة.. بدءا من المرتبات الضعيفة الي ظروف العمل السيئة وقلة الامكانيات وصولا إلي عدم تأمينهم أثناء العمل. ووزيرة الصحة هالة زايد قالت إنها طلبت 500 مليون جنيه دعما للوزارة لكي تتعاقد مع أطباء من القطاع الحر لسد بعض العجز.. وقالت إن هناك قدرا من التحسن في دخول الاطباء العاملين بالوزارة، لكنها بالطبع لا توازي المرتبات المعروضة للعمل بالخارج. وبالطبع.. فإن المطلوب ليس المساواة بمرتبات العاملين في الخارج للاطباء أو لغيرهم.. فالظروف تختلف وتكاليف المعيشة تتفاوت.. لكن هو تأمين الحد المعقول الذي يحمي من إغراءات الهجرة.. والذي يلبي الاحتياجات الأساسية ويوفر فرص التقدم العلمي لشباب لا شك أنه يريد أن يرد الدين لوطنه وأن يكون شريكا في تقدمه قبل أي شيء آخر. القضية ليست سهلة.. والعلاج هنا يحتاج وقتا وجهداً وموارد مالية لكنه- قبل ذلك - يحتاج الي تكاتف الجميع من أجل الحل.. النقابة والوزارة مع الجامعات عليهم وضع روشتة العلاج والرؤية الشاملة للحل.. ثم البرنامج العملي للتنفيذ.. الكل في قارب واحد.. والكل شركاء. نحتاج لضعف الاطباء الموجودين لدينا لكي نقترب من المعدلات العالمية.. كيف نحقق ذلك؟ وكيف نوقف نزيف الهجرة؟ وكيف نوفر لاطبائنا الشبان ظروف عمل مناسبة وفرصا للتقدم بلا حدود؟ وكيف نسير في برامج إصلاح حقيقي لأوضاع مستشفياتنا لكي ينجح مشروع التأمين الصحي الجديد، وربما لكي نختصر سنوات تنفيذه إذا توافرت الموارد البشرية والمادية؟. اسئلة تنتظر الإجابة، وقضايا ينبغي أن تحتل الأولوية بين اهتماماتنا.. مع الاعتذار. بالطبع- للمشغولين بمقاس الفستان إياه ونوع بطانته، أو الذين أصبحت قضية حياتهم هي صد الخطر عن الأمة بمنع سعد الدين الهلالي من الظهور في التليفزيون!!.