في نهاية عام، في ديسمبر، في الأوراق الأخيرة من نتيجة الحائط، في الأيام التي يصبح لها طعم القطرات المتبقية في فنجان قهوتنا، في النظرة التي تشبه وداع حبيب.. نصبح كالدراويش في حلقة ذكر.. نصفنا مستيقظ ونصفنا في غيبوبة، ننظر للماضي في عتاب مدهش، كما ننظر للقادم في حلم مفرط. ليس كل الماضي متهما بالخيانة لأنه لم يحقق كل ما نحلم به، ففي الماضي ولو كان قاسيا كثير من الأشياء الجميلة التي تحققت حتما فيه، يوم سعيد أو مفاجأة مدهشة أو هدية من السماء جاءت في غير موعدها! علي الأقل.. أنت لاتزال علي قيد الحياة، قادر علي أن تفكر وأن تحب وأن تغضب وأن تسافر وأن تنجح وأن تحلم. وأهم ما في الماضي دروسه التي تركها لنا في آخر أيام السنة، دروس يجب أن نتذكرها ونتعلم منها ونتجنب أخطاءها، يجب أن نقفز منها إلي آمال كبيرة وعظيمة، وأن نكون علي مستوي العام الجديد. كلنا في ديسمبر، نحلم. نحلم بما ضاع.. ونحلم بما نريد أن نحققه في السنة الجديدة، نحلم بالصور التي لن تتكرر.. ونحلم بالصور التي نتمني أن نرسمها، ديسمبر.. يشبه بطاقات السفر التي تبقي معنا في نهاية الرحلة، فنحتفظ بها في أوراقنا القديمة علي أمل أن نحجز بطاقات سفر جديدة لرحلة جديدة. وكلنا في ديسمبر، نخطط للعام الجديد ولو بخطوط من خيال، بعضنا يتركها مجرد خطوط رمادية.. وبعضنا يلونها فيمنحها معني ويؤكد علي أنه جاد في تحويل الخيال إلي حقيقة، ديسمبر شهر الأمنيات الطيبة.. شهر الأحلام الممكنة، ولو لم نحلم ونتمني في ديسمبر.. فمتي يكون الحلم والأمنية؟ إنه ديسمبر ياصديقي.. اجلس واكتب ماذا فعلت في عام يمضي، وعلق أمنيات العام الجديد علي باب غرفتك لتفرح.. مهم أن تفرح.. واحتفل أنه.. كما في العمر نهاية اسمها ديسمبر، هناك بداية اسمها يناير. حب عمرك في كل أعوامه.. وحب أحلامك في كل شهور السنة.