منذ سنوات حضرت في برلين ورشة عمل حول »التنظيم الذاتي» للصحافة والإعلام، مع دراسة مستفيضة للتجربة الألمانية مقارنة بعدة دول أوروبية.. وجدنا في نهايتها أن التنظيمات المهنية تفيد الجميع.. الصحفيين في المقام الأول، لأنها تزيد من ثقة القارئ في الإعلام، كما تتيح الفرصة لتنقية الأخطاء المهنية أولا بأول، وتتيح للقارئ والمشاهد معا تقييم التزامنا نحن كمهنيين بالمبادئ المنصوص عليها بمواثيق الشرف. وفي الوقت نفسه.. تحمي حقنا كصحفيين أن نكون مستقلين، بالتوازي مع حق المجتمع في محاسبتنا علي أخطائنا المهنية التي تؤثر فيه. ووجدنا أيضا أن التنظيم الذاتي يفيد القارئ، لأنه يستطيع الاعتراض علي المحتوي في أي وقت وبدون تكلفة، كما يتيح الاعتراف بالأخطاء المهنية علنا وأمام الجميع.. بجانب أنه يعزز من استقلالية الإعلام.. وذلك علي اعتبار أن أهل مكة أدري بشعابها. وعلي هذا الغرار تقوم المؤسسات المهنية الكبري الثلاث المسئولة عن الإعلام في بلادنا بجهد خارق.. سواء كانت المجلس الأعلي أو الهيئتان الوطنيتان للصحافة والإعلام، لتأكيد أدوارها في حماية حرية الرأي والتعبير، وضمان حق المصريين في التمتع بصحافة وإعلام حر نزيه، يعمل بقدر رفيع من الاحتراف والمهنية وفقا للمعايير الدولية، باعتباره نوعا من التنظيم لمهنة في غاية الخطورة. ولا تتناقض تلك المهام أبدا مع متابعة نقاباتنا المهنية للأداء، بل تتكامل معها كما هو معمول به أيضا في كل الديموقراطيات الغربية. من هنا واستكمالا لكل هذه الأدوار.. واستلهاما من تلك التجارب الدولية.. أدعو مؤسسساتنا الثلاث »المجلس الأعلي والهيئتان الوطنيتان» للقيام بدور آخر مهم يقدم النموذج والمثال الجيد أمام الرأي العام، وذلك بتخصيص جوائز سنوية لأحسن أداء مهني بكل وسائل إعلامنا وبجميع فروعها، وعلي سبيل المثال أحسن صحيفة ومجلة ومؤسسة وكاتب وموقع الكتروني، وكذلك أحسن قناة واذاعة وبرنامج ومذيع، وذلك من أجل التنافس الشريف وإعلاء لقيم الكفاءة والمهنية، ويكون مبدأ الإثابة موازيا لمبدأ المحاسبة.