إنه ليوم عظيم في تاريخ القوات المسلحة المصرية ... شعرت بالفخر لانتمائي لهذه المؤسسة العظيمة، وأنا أتجول، وأتنقل بين صالات العرض، في معرض "إيديكس 2018" للأسلحة والصناعات العسكرية، لم أصدق عينيََّ و أنا أري هذه الروعة في تنظيم هذا المعرض، علي أعلي المقاييس العالمية. لقد حضرت عشرات المعارض المماثلة، في تاريخي العسكري، كان أولها معرض فانبرا في المملكة المتحدة، أثناء دراستي في كلية كمبرلي الملكية بإنجلترا، وكنت، حينها، برتبة المقدم، وأمضيت ثلاثة أيام كاملة أتجول في ذلك المعرض، دون كلل أو ملل. بعدها بسنوات حضرت معرض لوبورجيه في باريس، ومعرض الولاياتالمتحدةالأمريكية، في ولاية كنتاكي، ثم أخيراً معرض أبو ظبي، الذي يعد، حالياً، في دورته الثانية عشرة، من أهم معارض الأسلحة والمعدات الحربية في العالم. واليوم، في مصر، ننظم المعرض الأول في تاريخنا العسكري، والذي أري أننا تأخرنا قليلاً في تنظيمه، إلا أنني أحمد الله، أننا بدأنا هذا المشوار، وأخرجنا الدورة الأولي للمعرض، من حيث انتهي الآخرون، لنضاهي به أكبر المعارض العالمية. لم تقتصر المفاجأة علي روعة تنظيم ودقة التنظيم، وإنما امتدت إلي ثراء العرض، خاصة في جناح القوات المسلحة المصرية، الذي ضم إنتاجنا المحلي من مصانع وزارة الإنتاج الحربي، ومصانع الهيئة العربية للتصنيع، ومصنع البصريات، ومنتجات الترسانة البحرية في الإسكندرية. تمنيت، وأنا أتجول بالمعرض، أن يكون معي كل المصريين، وليس أبناء القوات المسلحة، فقط ... فالمشهد يفوق التوقعات، والصناعة الحربية المصرية، تُشرف اسم مصر - والمصريين - وترفعه عالياً، بين الصناعات الحربية في العالم. سعدت وأنا أري حولي بعضاً من شباب مصر، وتمنيت لو امتد الجناح المصري بالمعرض لعدة أيام إضافية، يتم فيها دعوة شباب المدارس والجامعات، ليشهدوا عظمة قواتهم المسلحة، وليتباهوا بمكانتها بين نظيراتها من مختلف دول العالم، وليفخروا بقدرة مصر علي تنظيم مثل هذا الحدث العالمي، بهذه الكفاءة والاحترافية، كما رأيته في عيون طلبة الكليات والمعاهد العسكرية. من وجهة نظري، وبجميع المقاييس العالمية، فقد حقق، هذا المعرض، كل أهدافه التي أقيم من أجلها؛ فقد عرضت القوات المسلحة المصرية منتجاتها، من التصنيع الحربي، بصورة متميزة، وأظهرت تفوقها التكنولوجي في الأسلحة الحديثة، بما يؤهلها لتسويق إنتاجها مستقبلاً، وهو أحد محددات وعناصر عمليات التطوير المستدامة، بعيداً عن موازنة الدولة. يضاف إلي ذلك، أن الحضور الكبير، ومشاركة كل العاملين في المصانع الحربية، بهذا المعرض، قد حقق استفادة كبري لهم، بالتعرف علي كل ما هو جديد في عالم الأسلحة والمعدات الحربية، وكذلك التعرف علي بعض الإضافات التي يمكن لهم الاستفادة منها في تطوير الصناعة المحلية. ولقد رأيت بنفسي، العديد من المهندسين المصريين، وهم يدونون، بكل عناية وشغف، ملاحظتهم عن الصناعات التي يعملون عليها في المصانع الحربية. وكانت المفاجأة، في هذا المعرض، لكل الوفود الأجنبية المشاركة، هو الجناح المصري الخاص بالمعدات العسكرية لمقاومة أعمال الشغب، والإرهاب، الذي طوعت فيه مصر خبرتها، في الأعوام السابقة، لكي تطور الأسلحة والمعدات المتعارف عليها، خاصة أنه بعد الأحداث الأخيرة لحركة "السترات الصفراء"، التي تشهدها باريس، أصبحت باقي الدول الغربية، تقف موقف الحذر والاستعداد، من احتمال اندلاع مثل هذا الشغب في بلادهم. ومن هنا كان الإقبال كبيراً علي ذلك الجناح، للاستفادة من الخبرة المصرية في مقاومة الإرهاب. أما الاحتفالية الكبري، من وجهة نظري، فتمثلت في مستوي التمثيل الدولي، وتواجد هذه الكوكبة المتميزة، من وزارات الدفاع، ورؤساء الأركان، ورؤساء مجالس إدارات كبري الشركات العالمية، المصنعة للأسلحة والمعدات الدفاعية، الذين استضافتهم مصر، ويبدو أن الطبيعة كانت تؤيد هذا الحدث العظيم، فكان الجو أكثر من رائع، وهو ما لا تجده في أي بقعة من بقاع الأرض، في هذا الوقت من العام. وحقق اختلاط هؤلاء الوزراء والقادة، مع نظرائهم من القادة المصريين، تعاوناً كبيراً في مجال الدفاع والأمن القومي، وهو ما سيثبته المستقبل القريب. والحقيقة أن وضع هذا المعرض تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلي للقوات المسلحة المصرية، قد أعطي قوة كبيرة لهذا المعرض، بما أكد لدول العالم، وممثليهم، وممثلي الشركات المشاركة به، حرص مصر، قيادةً وشعباً، علي إخراج هذا المعرض، بالصورة المتميزة، التي تليق باسم مصر ومكانتها. والآن، وبعد انتهاء ذلك المعرض بنجاح، ووضع اسم مصر، بكفاءة، علي خريطة المعارض الحربية العالمية، فأنا علي يقين، بأن القوات المسلحة المصرية، لن تكتفي بما حققته من نجاح باهر، شهد به جميع المشاركين، وإنما ستقوم، كعادتها، بإعداد تقريرها الخاص بتقييم المعرض، وتفنيد أوجه القوة والقصور به، تمهيداً لدورته القادمة، في عام 2020، خاصة أن نجاح الدورة الحالية للمعرض، سيضعنا أمام تحد لبذل المزيد من الجهد، لإخراج الدورات اللاحقة، بصورة مشرفة للعسكرية المصرية. وعلي جانب آخر، فقد سعدت بشدة، وأنا أطلع، بنفسي، علي الخطة المستقبلية للاستفادة من منطقة المعارض الجديدة، التي أكدت أن المنطقة تم شغلها خلال العام القادم، 2019، ولم يتبق فيها سوي شهري يوليو وأغسطس، بما يؤكد أن الدولة تعمل برؤية مستقبلية، متعددة الأبعاد، منها انضمام مصر إلي سياحة المعارض والمؤتمرات، علي مستوي العالم، وهو الأمر الذي افتقدناه، خلال السنوات الماضية، نظراً لأن أرض المعارض السابقة، التي تم بناؤها في الستينيات من القرن الماضي، لم تعد قادرة علي تلبية متطلبات العصر الحديث، لإقامة المعارض المتطورة. وبهذا فإن مصر بدأت تخطو خطوات إيجابية نحو مستقبل مشرق، في كافة المجالات. تحية إلي جميع أبناء مصر، وأبناء قواتها المسلحة، علي ذلك المعرض المتميز، الذي أضاف الكثير لتفوق العسكرية المصرية بين القوي العسكرية في العالم.