● 9 نوفمبر 1977 أعلن الرئيس السادات في مجلس الشعب رغبته في زيارة القدس، وبعد عشرة أيام ذهبت طائرته إلي إسرائيل وسط ذهول العالم، وعادت الطائرة واستردت مصر سيناء بعد حروب دبلوماسية ،لا تقل ضرورة عن المعارك العسكرية.. مصر استعادت أرضها بحرب أكتوبر المجيدة وبمباحثات السلام الصعبة. 41 سنة تمر علي الحدث التاريخي الكبير، دون أن تحرز القضية الفلسطينية خطوة واحدة للأمام، بل تتراجع كل يوم للخلف، وأحياناً نسمع أصوات الندم والحسرة، وسؤال يتردد علي ألسنة فلسطينية "ماذا كان يحدث لو ركبنا الطائرة مع السادات؟". ● الحكومات تجيء وتروح، أما الدولة فهي باقية، المظلة التي يحتمي تحتها الجميع، وهي الأرض والشعب والسيادة، وملك لكل المصريين، وهي خط أحمر معروف لدي كل شعوب العالم التي تحافظ علي اوطانها، لا ينبغي المساس بها أو الاقتراب منها.. وشتان بين أن تعادي الحكومة أو تعارضها، وبين أن تكره الدولة وتعمل ضدها، فالملجأ الأول والأخير هو "مصر"، الدولة المستقرة التي تُعلي شأن مواطنيها، ويلتف أبناؤها حولها مهما غضبوا. خرج المصريون جميعاً ضد الجماعة الإرهابية، عندما حاولت المساس بكيان الدولة، وهدم ثوابتها التاريخية والجغرافية والثقافية، والتفريط في أرضها وإذلال شعبها.. وللأسف الشديد فهناك من يخلط بين هذا وذاك، ولا يفرق بين نظام يمكن انتقاده، ودولة يُحظر المساس بها. ● هل نسينا قناة الجزيرة المجرمة ووكالات الأنباء والفضائيات، حين كانوا يشمتون في أوجاعنا، ويرقصون علي الحرائق والفوضي والخراب، في ميدان التحرير وغيره من الشوارع والميادين في احداث يناير ؟..هل نسينا الإعلام الأسود الذي كان يعزف طرباً وفرحاً علي أصوات الرصاص والقنابل والاحتجاجات والاعتصامات ؟ ،فنفخوا في الرماد، وزادوا الحرائق اشتعالاً. إصلاح الإعلام وعودته إلي حظيرته الوطنية لا يعني "الصوت الواحد"، ولكن أن يكون الوطن هو قبلته بالمصداقية والتعمق والمهنية ، ويترك الغوغائية والتشويه والحملات الممولة، التي شربنا كئوسها المرة، وكاد أن يضيع البلاد، مصر مليئة بالإنجازات والصور الإيجابية، وحتي إعلام الصوت الواحد لا يسلط عليها الأضواء. ● الإصلاح الاقتصادي إذا لم يتزامن معه إصلاح اجتماعي، لن نتقدم للامام ، والأخير يتطلب ثورة حقيقية تعيد القيم والأخلاقيات، وتواجه التغيرات الحادة والعنيفة التي طرأت علي ضمائر المصريين، ولماذا اختفي الناس الطيبين، وانتشر الأشرار ؟ مصر يجب تسليمها لجيل يحافظ عليها ويضعها في عينيه، ويعظم الإنجازات ويستمر في طريق الإصلاح، وليس للمجهول أو جماعات تتحين الفوضي لتعود إلي مسرح الأحداث، وتزرع الغل واليأس والإحباط حتي يصبح الناس مثل كوم القش الذي ينتظر عود ثقاب. الثورة الاجتماعية ليست مسئولية الدولة وحدها، ورحلة استعادة القيم تبدأ من المدرسة حتي المسجد والكنيسة والأغاني وأفلام السينما والمسلسلات .. وسائل الإعلام يجب أن تتحلي بالنظافة والنزاهة والمصداقية، ولا تجري وراء التشويه والإسفاف. ● اللهم اجعل هذا البلد آمناً، فالدنيا من حولنا تغلي وتشتعل بالحروب والاضطرابات والحرائق والدماء، وبلادنا هادئة وتسترد عافيتها وتبني نفسها، ولكن هناك من يتمنون عودة الفوضي واستعادة الاحتقان، وينفثون سمومهم في مواقع التواصل الاجتماعي وفيس بوك. الجماعة الإرهابية لم تستسلم ولم ترفع الراية البيضاء، ولكنها في حالة كمون، وتتواري تحت الأرض عندما تواجه ضربات الدولة القوية، ثم تحاول العودة إلي المسرح من جديد ولو من خرم إبرة، هكذا تقول دروس التاريخ، فهذه هي الجماعة التي أذاقت البلاد كئوساً مريرة منذ نشأتها.