يتعجب الناس من ارتفاع القيمة السوقية لبعض نجوم الفن والرياضة والإعلام، وتتناثر أخبار قيم مالية خرافية لبعضهم كل حين، وأصبح طبيعيا أن يتم تقييم البشر بالقيمة السوقية، تماما مثل الشركات وأسهم البورصة والعقارات، باعتبارهم مشروعات جالبة للربح، فهل يشعر المواطن أيضا بأن له قيمه سوقية، وأنه يمكن أن يجلب ربحا؟ المؤكد أن شعور أي إنسان بقيمته ينتج من حصاد ما تلقاه من تربية واهتمام وتعليم وتنمية مهارات، وما ساهم به من أعمال وأفكار وخدمات، وماحصل عليه من تقدير واحترام وتكريم، والمؤكد أيضا أن هناك من ينجحون أكثر من غيرهم في »تسويق» أنفسهم ورفع قيمتهم وإضفاء قيمه لما يفعلونه أكبر كثيرا من القيمة الحقيقية العادلة، وهي مهارة لايجيدها كل البشر مهما ارتفعت قيمتهم الحقيقية، وهو ما يصيبهم بالمرارة والحسرة وقلة العدل، يستوي في ذلك العلماء والكتاب والصحفيون والمبتكرون ومقدمو البرامج، وكل أصحاب المواهب والمهارات ممن لايشعر بهم أحد ولايدرك قيمتهم أحد. ويري » كانت» الفيلسوف الشهير، أن هناك تناقضا بين السعر والكرامة الإنسانية، إذ إن كل شيء، إما له سعر أو كرامة. ما له سعر يمكن أن يوضع محله أيضا شيء معادل له، بينما الشيء الذي يسمو فوق السعر، ولا يوجد معادل له، يملك كرامة، وإذا كانت المهارة والجد في العمل لها قيمة سوقية، في المقابل ليس للإخلاص في الوعود والالتزام بالمبادئ قيمة. وهذا الرأي يمكن أن يفسر لماذا تنهار القيم الأخلاقية في أي مجتمع، ويفقد الفرد في هذا المجتمع شعوره بأهميته، عندما يصبح للنفاق والتدني والكذب والغرور وغياب الضمير سعر أعلي من الصدق والترفع والتواضع والأمانة. ترتفع القيمة السوقية للمواطن حين يحصل علي فرص عادلة في تعليمه وتثقيفه وتدريبه وتنمية مهاراته وأفكاره،وتوفير فرص عمل مناسبة، واحتياجات الحياة المناسبة، والتعامل الكريم بينه وبين الدولة التي تشعره باحترامها له، ويشعرها بإخلاصه لها. وهو ما أتمناه ذات يوم.