لم تكن حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق مياه البحر المتوسط بنيران الدفاعات الجوية السورية سوي مثال بسيط علي حجم التشابك الرهيب بين الأطراف المختلفة حول سوريا. ربما هي المرة الثانية التي تتكبد خلالها روسيا خسارة مادية بعد حادثة سقوط مقاتلاتها من طراز »سوخوي» بنيران تركيا قبل عدة أعوام، ولن تكون الأخيرة رغم تعهدات موسكو باتخاذ ما يلزم لضمان سلامة القوات الروسية العاملة في سوريا. يذهب كثيرون إلي افتراض أن بوتين سوف يصعد الأمر مع إسرائيل وأن ثمة مواجهة عسكرية قد تحدث بين الجانبين وهو أمر مستبعد بحسابات السياسة والمنطق ولنا فيما حدث مع أردوغان عبرة، حيث لم يجد الأخير مفرا في نهاية المطاف إلا تقديم فروض الولاء والطاعة لسيد الكرملين. نفس هذا السيناريو مرشح لأن يحدث مع نتنياهو الذي سارع الي مهاتفة بوتين وعرض تقديم كل ما يلزم لتوضيح الموقف بل وعرض ايفاد قائد سلاح الجوي الاسرائيلي الي موسكو للشرح والتوضيح!! غالب الظن أن بوتين لن يضيع هذه الفرصة وسوف يمارس مزيدا من الضغط علي إسرائيل لتحقيق المكاسب. لقد أصبح بوتين مجبرا بعدما أصبح اللاعب الرئيسي في سوريا علي التعامل مع الجميع، مع صلف وغرور نتنياهو، ومراوغة أردوغان، ودهاء خامنئ، وتهور ترامب، وهي مهمة يؤديها رجل ال »كيه جي بي» السابق ببراعة واقتدار.