أصعب موقف يمكن ان يمر به انسان في الدنيا كلها هو ما يتعرض له هذه الايام عم اكرم العجوز عامل الاحذية بباب الشعرية.. الرجل يعيش حيرة قاسية يشاركه فيها جهات التحقيق بالنيابة العامة وإدارة المباحث بقطاع الاحوال المدنية. عم اكرم رضخ لتوسلات أبنائه بأن يتسامح مع والدتهم زوجته منذ أكثر من 25 عاما ويقدم تنازلا عن بلاغه ضدها بالتزوير حتي لا تدخل السجن لتقضي فيه بقيه عمرها.. ولكنه في هذه الحالة سيبقي أمام القانون وكل جهات الدولة والمجتمع ميتا رسميا بحكم ما فعلته الزوجة الطماعة. البداية الثلاثاء الماضي كان هناك رجل عجوز يحمل أوراق استمارة بطاقة رقم قومي امام شباك موظف ادارة الاحوال المدنية بالجيزة يطلب استخراج بطاقة جديدة لانتهاء صلاحية البطاقة بحوزته. تسلم الموظف الاستمارة وبمجرد أن أدخل بياناتها حتي تسمرت عيناه علي الشاشة ثم انتقلت نظراته الي الشخص العجوز صاحب الاستمارة وسرعان ما تحولت عيناه الي نظرات ريبة. وكان السبب هو ذلك اللون الاحمر الذي كسا لون شاشة الكمبيوتر وهو ما يعني ان صاحب هذه البيانات متوفي ولا يتم التعامل مع صفحته. سأله الموظف عن علاقته بصاحب الاستمارة المتوفي فما كان رد عم اكرم سوي صرخة في وجهه مين اللي مات.. أنا »كرم» بشحمه ولحمه.. لم يضع الموظف الوقت فقد خرج من مكتبه الزجاجي وإمسك بالعجوز الذي تعالي صراخه واتهامه لموظفي الاحوال المدنية تارة بالاهمال وتارة بالجنون.. اقتاد الموظف عم اكرم العجوز أمامه الي مكتب العميد عبدالعاطي عبدالحميد رئيس مباحث الاحوال المدنية بالجيزة وسلمه الاستمارة وصاحبها لتتولي المباحث فحص اللغز الموجود أمامهم. دقائق سريعة اصر الرجل علي انه صاحب الاسم وانه حي يرزق ولكن رئيس المباحث واجهه بما هو موجود علي صفحته بالكمبيوتر بأنه متوفي منذ 2013 ولكن الاجراءات الرسمية للاخطار بوفاته بدأت بعدها بأيام وان هناك شهادة وفاة قدمتها زوجته بأن الوفاة طبيعية. صرخ الرجل العجوز هي التي قدمت الشهادة واصر علي تقديم بلاغ حيث احيل للنيابة للتحقيق واتهم زوجته بالتزوير. أخلت النيابة العامة سبيل عم كرم وطلبت من المباحث استدعاء زوجته التي تقيم بامبابة واحضارها أمام المقدم محمد صبحي معاون المباحث الذي كان قام بإعادة مناقشة عم كرم الذي تبين انه يعيش بعيدا عن اسرته منذ فترة.. واكد انه يمتلك منزلا فخما بمنطقة مميزة بامبابة ولكنه لم يتخذ أيه اجراءات لتوثيق شرائه. تحريات المباحث حول العائلة كشفت عن ان الزوجة خشيت ان يتزوج زوجها الذي يقاطعها منذ فترة ويسلم زوجته الجديدة المنزل فقررت ان تستولي عليه واستغلت حالة زوجها الذي يعيش في شبه عزلة تماما وزاهدا في الحياة وقامت بتقديم اخطار بوفاته رسميا. ثم بدأت في استكمال اجراءات نقل ملكية المنزل لها بأعتبارها ازمته لولا ان الزوج المسكين اضطر للذهاب للاحوال المدنية وقرر استخراج بطاقة جديدة حتي يستطيع التعامل مع جهات الدولة وهنا انكشفت جريمة الزوجة. أولاد عم كرم بمجرد علمهم بما تم حتي اسرعوا اليه يتوسلون له بالتنازل عن بلاغه ضد امهم التي ستوجه اليها عدة تهم ومنها التزوير في أوراق رسمية واستغلال ذلك في الاستيلاء علي اموال زوجها دون علمه. وافق الرجل علي رجاء وتوسلات الابناء وذهب لأحد المحامين كي يتولي امر اتخاذ اجراءات التنازل معه.. ولكن كانت هناك الصدمة التي واجهته وهي ان تنازله عن البلاغ ليس له أي قيمة لان الدولة والمجتمع متمثلة في شخص النيابة العامة هي صاحبة السيادة في هذه البلاغات لان الجريمة تمت بأوراق رسمية وليست شخصية. وخيره المحامي إما ان يبقي ميتا ويعيش في الخفاء حتي يحين موعد نهايته أو يترك بلاغه يسير في مساره الطبيعي وهنا لابد من معاقبة الزوجة علي جريمتها بالسجن عدة سنوات. عم كرم قرر أن يتريث حتي يحتكم الي عقله وقلبه قبل ان يأخذ قراره الاخير ويذهب صباح غدٍ الاحد الي نيابة امبابة ويحسم أمره شديد الحيرة.