كان إنساناً ناجحاً في عمله وفي حياته الشخصية شق طريقه في الحياة بعلمه واجتهاده. ولأن من زرع حصد. فقد كان النجاح حصاد كفاحه. حتي تبوأ مركزاً كبيراً وأصبح من الشخصيات البارزة في المجتمع. لكن الأيام كثيراً ما تخبيء لبعض الناس مفاجآت لم تكن تخطر لهم علي بال. واستيقظ صاحبنا ذات يوم ليفاجأ بأن الدنيا التي كانت قد ابتسمت له قد انقلبت عليه ! وقع حادث مؤسف في موقع من المواقع التي يرأسها. وكان لهذا الحادث ضحايا كثيرون. اهتز الرأي العام لفقدهم والمصيبة التي حلت بهم. وفوجئ في نفس اليوم بأنه بحكم منصبه أصبح المسئول عن الكارثة التي حدثت ! وفوجئ بما لم يكن يتوقعه أبداً. الكل يشير إليه بأصابع الاتهام. وكأنه هو الذي صنع الحادث المؤسف عمداً وبيديه. وفوجئ بأن أقرب الناس اليه أو من كان يعتقد أنهم كذلك. من الأصدقاء والرؤساء والمرؤوسين يتخلون عنه. ويحاصرونه بنظرات الاتهام والاستنكار. وتنكر منه وله الجميع. ووجد نفسه وحيداً علي رأسه عواقب كل ما حدث ومالم يكن له يد فيه ! وأُحيل صاحبنا إلي التحقيق حيث ظل يردد ويقسم أنه بريء من الكارثة التي وقعت. لكن أحداً لم يلتفت إليه أو يصدقه. وبدأت الصحف تنشر أخباره كمتهم في صفحات الحوادث. بعد أن كانت تنشر أخبار أعماله وإنجازاته في الصفحة الأولي ! ولم يرحمه أحد وهناك مثل شعبي مصري يقول : العجل وقع هاتوا السكين ". والأدهي من ذلك أن الناس بدأوا يعاقبون أفراد أسرته. زوجته وأولاده. بالتجاهل والرفض. وكأنهم شركاء في الجريمة. التي ظل لآخر لحظة يؤكد أنه بريء منها ! وعاش مع أفراد أسرته أسوأ أيام حياتهم. لم تكن أياما بل شهوراً طويلة. من العذاب والوحدة والنكران. بعد أن تخلي عنهم الكل. وظلمهم الكل بالأحكام المسبقة . ولم يعد يذهب إلي عمله أو يجلس علي مكتبه في منصبه الكبير الهام. وفوجئ بالجميع صغاراً وكباراً ينهشون سيرته. ويلفقون عنه الحكايات والشائعات الوهمية. حتي صنعوا له صورة وحش كاسر. وهم الذين كانوا بالأمس يحيطون به وينافقونه ويسعون لكسب وده ! لكن ولأن لكل ليل نهار. فقد جاء نهاره أخيراً عندما أُحيلت قضيته إلي المحكمة. وأصدرت المحكمة حكمها ببراءته من المصيبة التي وقعت. وحين غادر مبني المحكمة. فوجئ بحشد كبير من الذين تنكروا له والذين شمتوا فيه والذين هاجموه في محنته. وفوجئ بهم يحيطون به. يحتضنونه ويقبلونه. ويقولون له بصوت النفاق : مبروك.. كنا متأكدين من انك بريء !