العالم يعيش زمن البلوجرز (أي المدونين حتي لا يغضب احد) تلك السلطة البازغة الجديدة والطاقة التي انفتحت أمام الشعوب من حيث لم يحتسب أحد، بأوسع سبيل تنتشر آراءها، فلا من يوقفهم وما من عائق امامهم، ظاهرة غامرة تمد وتتسع، ثم لا هم قابلين للشراء ولا للبيع، فمن ذا الذي يملك أن يشتري جموعهم، هذا زمانهم ولا سلطان عليهم من احد... بوش الابن لم يكتف بإثارة المواجع فقط بمذكراته المسماة »نقاط القرار« ، بل حاول أن يحتمي وراء زعامات دولية بادعاءات كاذبة نفاها بالقطع الرئيس مبارك، ومستشار ألمانيا السابق جيرهارد شرودر الذي سارع بتكذيب بوش مستنكرا ما نشره بزعم تأييده شن الحرب علي العراق.. من سوء حظ بوش الذي اعتمد علي ان الاحاديث الثنائية بين الحكام عادة غير مسجلة لكن الالمان سربوا لمجلة دير شبيجل وثيقة سرية عن لقاء قبيل غزو العراق بين دبلوماسي ألماني علي مستوي رفيع تم تكليفه ليقابل كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي حينئذ، ولأن مثل هذه المقابلات تسجل عادة، تجد مضمونها يقوض ادعاء بوش جملة وتفصيلا ويتبين منها أن شرويدر وجوشوا فيشر وزير الخارجية حاولا جهدهما أن يثنيا بوش عن عزمه شن الحرب، والوثيقة عبارة عن محضر الاجتماع ومطبوع عليه (سري) للتداول الداخلي واستغرقت تسعين دقيقة تخللتها عبارات عاصفة معظمها من قبل رايس بطريقتها الهجومية المعهودة. أما أقوال الدبلوماسي الالماني فلم تتزحزح عن تكراره معارضة حكومته لفكرة الغزو، بل التوقعات التي ساقها تحققت بكاملها فيما بعد، ومن بينهاان ايران ستكون المستفيد الوحيد من هذه الحرب، وان غزوا تقوده الولاياتالمتحدة سيزيد من تعقيد سبل حل الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين هذا غير أن الحرب ستثير حموة المتطرفين والارهابيين، بينما الادعي اكتساب قلوب وعقول الشباب من المسلمين. المقابلة تمت بعد أيام قلائل من كلمة وزير الخارجية كولين باول أمام مجلس الامن وزعم فيها امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، والهدف بالطبع الضوء الاخضر لشن الحرب علي العراق، في النهاية شنت أمريكا الحرب بدون تأييد الاممالمتحدة، وفي يوم 20 مارس 2003 ضربت بغداد، فكانت اشارة بدء لما سمي بعملية تحرير العراق، والعالم كله يعرف ما حدث من جرائرها الي اليوم. الانتخابات والاموال ما بين أمريكا ومصر الحال من بعضه..! في رذيلة اقتران الانتخابات بالاموال أصبحنا مثل أمريكا في الهوا سوا، تري لم لا يجذبنا في امريكا غير ما هو قبيح ، فمن دور الاموال في الانتخابات، الي اختيار لون الرأسمالية المتبعة لديهم يا قلبي لا تحزن، فالنظم الرأسمالية ألوان واكثرها وحشية الرأسمالية الامريكية، علما بأن لهم مع ذلك نوعية من »بطانات« تخفف لحد ما من خشونة نظامهم (سبق وطرحنا بعضها) ومن يتابع الهجوم الشديد علي الرئيس اوباما هذه الايام من أنصاره قبل خصومه، سيدرك أنه متهم بالتحول عن اهم مبادئه الانتخابية، الانحياز للفقراء والطبقة المتوسطة، من بعد أن اضطر لاحناء رأسه للجمهوريين، وقام باجراءات لحساب أصحاب الثروات الكبري من حيث تخفيض الضرائب و وخلافه ، تحول بعدها لدي من جاء بأصواتهم الي الحكم الي (بوش الثالث) كما يطلقون عليه الآن، كأنما حدد مصيره منذ الآن في الانتخابات القادمة! لكن ما استجد بعد الانتخابات الاخيرة، هو كتابات البلوجرز أو المدونين تلك السلطة البازغة الجديدة التي تتسع رقعتها بنحو غامر، وينشرون الكثير جدا عن مساويء نظامهم الانتخابي والدمار الذي تؤدي اليه الاموال التي تنفق في الانتخابات وتؤدي لافساد الحياة السياسية، فعمليات بيع وشراء النفوذ تحولت الي قوة دفع رئيسية في النظام السياسي الامريكي، وبوابة كبري الي فيضان من الرشوة المقننة.. والقول السائد هناك: نظامنا السياسي للبيع الي من يقدم أعلي سعر! والانتقادات للنظام الانتخابي الامريكي تتوالي ولا تتوقف علي النت، عن أموال المصالح الخاصة التي تشتري نوابا يعملون لحساب مصالح من دفعوا ((و طالما الاموال الكبري هي قوة الدفع للنظام السياسي ستستمر حكوماتنا في دعم السياسات غير العادلة في الداخل و في الخارج ، تلك التي تكلفنا فقط مليارات الدولارات وتؤدي لمعاناة انسانية شديدة الوطأة علي متسع العالم)) وطالما ظلت الاموال هي قوة الدفع في النظام السياسي فلن توجد حكومة تعمل لصالح جموع الناس بل لخيارهم أي أصحاب المصالح الكبري في هذه الحالة... أثلج صدري ان الميديا في امريكا لم تسلم من الانتقاد الشديد من جماهير البلوجرز علي النت، يتهمونها بأنها موالية مع الحكومات ترويجا للخداع واخفاءا للحقائق، بل ويسمون التيار العام للميديا الامريكية (من صحافة و تليفزيون) بذراع البروباجندا الحكومية(!!) نحن نتحدث عن امريكا طبعا و... الفارق الآن بين انتخاباتهم وانتخاباتنا، ان الأثرياء من شركات ومؤسسات وأفراد هم من يدفعون الاموال الي المرشحين، بينما الذي يدفع الاموال في انتخاباتنا نحن هم المرشحون.. في الحالتين الرشوة المقننة أو المسموح بها هي الاخطر، فالذي يدفع هو الذي يجني في النهاية، عندهم هي المصالح الكبري التي تجني، و هنا المرشح النائب هو الذي يجني، و من يدفع الملايين ينتظر ان يستعيدها بأكثر منها اموالا أو نفوذا.. اذن منع أو تجريم الانفاق الكبير هو خطوة ضرورية للاصلاح السياسي، انما كيف؟ هذا هو السؤال. يقول البلوجرز الامريكاني ان السبيل هو النشر علي النت، و يؤكدون انهم سيجرون نوابهم في الكونجرس جرا الي مواجهات علنية برضه علي النت!