بعد ساعات من فشل المحاولة الآثمة لاغتيال مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة، كان الاحتفال بمرور عام علي افتتاح القناة الجديدة الذي تواكب مع مرور 60 عاما علي تأميم قناة السويس وعودتها للسيادة الوطنية. إنهم لا يعرفون إلا لغة الدم ولا يهدفون إلا لنشر الموت والدمار، بينما مصر كلها لا تعرف إلا معني الحياة والبناء. ولعل قناة السويس بالذات وما تحمله من معان وطنية تجسد هذا المعني بأجلي صورة.. حيث إرادة الشعب كله في ناحية، وتآمر «الإخوان» والجماعات الإرهابية التي خرجت من عباءتهم ضد كل ما هو وطني أو يحمل الخير لمصر في ناحية أخري. ولهذا أعلنوا الحرب قبل ستين عاما علي ثورة يوليو، وحاولوا اغتيال من استرد القناة لمصر جمال عبدالناصر،وصلوا شكراً لله علي هزيمة مصر في 1967! ولهذا يعلنون الحرب الآن علي مصر كلها «شعباً وجيشاً وقيادة» لأنها رفضت حكمهم الفاشي، وأسقطت تآمرهم وخيانتهم للوطن، ومنعت مخطط تحويل مصر إلي قاعدة للإرهاب، أو جزء من خلافة مزعومة يحكمها «أغا» تركي أو مختل أفغاني أو بغدادي! أنا ابن القناة.. أعرف جيداً كيف كان قرار التأميم استعادة لروح وطن وثأراً لكرامة شعب، وأعرف كيف كان شهداؤنا في بورسعيد قبل ستين عاما هم بشارة الحرية لعالم مقهور من دول الاستعمار. وأعرف أن إرادة الشعب التي انتصرت قبل ستين عاما، هي نفسها إرادة الشعب التي انتصرت بثورتي يناير ويونيو، والتي أكدت انتصارها وهي تبني القناة الجديدة بأموال شعب مصر وبأيدي عمالها.. وقبل ذلك بإرادة دولة استعادت قرارها بعد سنوات من الضياع والتبعية. بالأمس.. رأينا الكثير من الإنجازات التي تمت لاستكمال مشروع تنمية قناة السويس.. لكن سيبقي الإنجاز الأكبر أنه مشروع وطني مائة في المائة. نحن من حفرنا القناة الجديدة. ونحن من حفرنا الأنفاق علي أرقي المستويات العالمية. ونحن الذين نزرع الحياة في صحراء سيناء. ونقاوم في الوقت نفسه عصابات الإرهاب التي لا مفر لنا من استئصالهم بصورة كاملة بعد أن تحملنا آثار تدميرهم للوطن وعدائهم للحياة طوال أكثر من ثمانين عاما! ويبقي التساؤل الذي لابد منه ونحن نشاهد مرحلة جديدة من الإنجاز في مشروع القناة: إذا كنا نستطيع ذلك بأيدينا، وبتمويل ذاتي من شعبنا الرائع، وبإدارة لا تعرف التسويف أو الفساد.. فلماذا لا نكرر هذا النموذج في البناء والتنمية المستقلة؟! ولماذا يعطي بعض المسئولين عندنا (للشعب وللخارج) إيحاء بأننا نقف عاجزين في انتظار رضا صندوق النقد الدولي؟! نعرف أن هناك من يتعمدون استغلال ظروفنا لفرض شروطهم. ونعرف أن هناك من يشككون في اقتصادنا، ومن يحاولون حصارنا حتي لا نبني الدولة التي نريدها.. ولكننا نعرف ونري ما نستطيع إنجازه بقوانا الذاتية وإرادتنا الحرة.. فهل نفعل؟!