كانت كل المصالح الحكومية واللوكاندات ومقار الصحف في هذا الوقت تحتوي في مداخلها علي مساحة ضخمة مهيبة يسمونها (البهو) ليس الجنيه وحده، نحن أيضا كمصريين (عمالين نكش)، كانت مقاسات البشر في الأربعينيات والخمسينيات أسطورية. يمكنك أن تلاحظ هذا في مقاسات بيوت زمان، كان في كل بيت صالة ذات مساحة تستطيع بالكاد أن تستوعب حركة هؤلاء العمالقة، بدليل أنك إذا سكنت واحدة من هذه الشقق حاليًا ستستطيع أن تربي في ناحية منها غية حمام تفتح أبوابها ليحلق الحمام في الصالة طول النهار ثم تقف حاملا العلم في آخر الصالة بنهاية اليوم حتي يعود الحمام إلي الغية سالمًا، ولا يضل الطريق في الصالة. تأمل مقاسات البشر أنفسهم، لو أخذت حسين صدقي من فيلم العزيمة كما هو ووضعته في حلقة توك شو ستعتقد من حجمه أنه العميد السابق لحقوق القاهرة، عد به إلي الفيلم ستجده يا دوب طالب حصل علي التوجيهية ويبحث عن عمل. الأرواح نفسها كانت ضخمة، عندك مثلا أرواح السميعة كانت علي قدر من الضخامة بحيث يشبعها بالكاد عشرة خمستاشر إعادة لمقطع واحد من أغنية للست أم كلثوم. كانت كل المصالح الحكومية واللوكاندات ومقار الصحف في هذا الوقت تحتوي في مداخلها علي مساحة ضخمة مهيبة يسمونها (البهو).. ظل البهو يكش يكش حتي أصبح مجرد (ريسبشن) في وقتنا الحالي، وفي شققهم كانوا يحتاجون لمساحة تناسبهم يطلون منها علي الشارع، فكانت أسطورة (الفراندة)، وظلت تكش ونحن نكش حتي أصبحت مجرد بلكونة قد تستطيع أحيانًا أن تقفلها بالألوميتال ليقيم فيها أحد أفراد الأسرة المصاب بالأنيميا والتوحد. عندك حجرة المسافرين، ومن الأخطاء الشائعة أن نعتقد أنها كانت مخصصة للمسافرين الضيوف القادمين من جهات بعيدة،الحقيقة أنها كانت أوضة في نهاية الشقة لراغبي الهدوء من أهل الشقة نفسها، ولكن كان الذهاب إليها بمثابة سفر لذلك لقبوا من يقطنها بالمسافرين. كانت مقاساتهم تكبر بسرعة، تأمل ماتشات الكرة في هذه الفترة.. كان اللعيبة يفصلون الشورتات الدمور قبل بداية الموسم علي يد ترزية مهرة يجيدون ضبط المقاسات، لكن علي بال ما يستلموا الشورتات يكونوا تعملقوا بزيادة لدرجة أن هذه الشورتات كانت تغطي بالكاد مفاصل أفخاذ اللعيبة.. لقد كانت ∩لباليب∪ هذا الجيل نقطة مضيئة في تاريخ الكرة المصرية. هؤلاء الرجال العمالقة ماتوا خلال حرب الست سنوات، وظهر رجال الجيل الثاني وكانت مقاساتهم مدعاة للسخرية، لذلك حاولوا أن يعوِّضوا هذا الفارق بأفكار جلبت لهم مزيدًا من السخرية مثل أن يعملقوا السوالف أو يضيفوا إلي أطوالهم سنتيمترات بالشعر الهائش أو بالإفراط في مقاسات رجل البنطلون.. كان (الشارلستون) محاولة لإخفاء الطفرة السلبية في مقاسات الأقدام بعد أن انقرضت مقاسات أقدام جيل العمالقة التي استهلكوها في دك خط بارليف.