لو كانت الدولة مزنوقة فكيف تبيع الأراضي للمستثمرين برخص التراب وتسمح لهم أن يبيعوا إنتاجهم المدعوم بالسعر العالمي في مصر ثم تستولي علي أموال المعاشات ليس باعتباري من أصحاب المعاشات أكتب هذا المقال فأنا أعرف أن هذه الدولة من زمان تتمني موت كل أصحاب المعاشات وتعتبر الخروج علي المعاش خروجا من الحياة. يوم خرجت علي المعاش كان معاشي ثمانمائة جنيه وكتبت مقالا ضاحكا أقول فيه أعطوني مرتبي حين تخرجت من الجامعة وكان ثمانية عشر جنيها ورجّعوا الأسعار لذلك الزمن. كانت الثمانية عشر جنيها بثمانية آلاف جنيه الآن. ما علينا. ومع الوقت راقبت وعرفت حركة أصحاب المعاشات التي يقودها المناضل التاريخي نائب الشعب في البرلمان وخارجه دائما ، البدري فرغلي.عرفت مثل غيري كل ماجري لأصحاب المعاشات وعلي رأس ماجري الاستيلاء علي أموال المعاشات لصالح الدولة الظالمة التي تستولي علي كل شئ بعد أن تُبدد دخلها وضرائبها علي أصحاب الحظوة والنفوذ من المسئولين. المادة السابعة عشرة من الدستور تنص علي أن أموال المعاشات أموال خاصة تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة كما تنص أنها وعوائدها حق للمستفيدين منها وتستثمر استثمارا آمنا وتديرها هيئة مستقلة وفقا للقانون وتلتزم الحكومة بتقديم مشروع قانون إلي مجلس النواب خلال دورته الحالية يقضي في مواده بأن تُعاد لأصحاب المعاشات كامل الأموال المدينة بها جميع الوزارات وهيئات الحكومة وهي بالمناسبة ستمائة وأربعون مليار جنيه وفق آخر تصريح لوزيرة التضامن الاجتماعي. كلام جميل مثل كل كلام جميل في الدستور الذي صار حبرا علي ورق في السياسة والاقتصاد والحريات. يبقي يعني ماجتش علي المعاشات يا أهل الله.كمان مجلس الشعب في إجازات كتير. لكن يظل السؤال كيف لحكومات تسمح لنفسها أن تستولي علي أموال المعاشات ولا تعيدها. ولو كانت الدولة مزنوقة فكيف تبيع الأراضي للمستثمرين برخص التراب وتدعمهم في الغاز والكهربا وتسمح لهم أن يبيعوا إنتاجهم المدعوم بالسعر العالمي في مصر ثم تستولي علي أموال المعاشات التي هي آخر نفس للناس الذين أفنوا عمرهم في العمل وخدمة البلاد. في البلاد المحترمة الخروج علي المعاش يعني علاجا مجانيا تماما ومواصلات مجانية أو بنصف الأجرة ونوادي بنصف الاشتراك وكل الخدمات الممكنة ، لذلك في الخارج يخرج الواحد علي المعاش فيبدأ في السياحة. لقد صار أغني من ذي قبل. ومن المدهش مثلا أنه منذ ست سنوات تقريبا حاولت الحكومة الفرنسية مد سن المعاش إلي الخامسة والستين فخرجت المظاهرات ترفض. طبعا. مميزات عظيمة ووقت متوافر للفسحة والسياحة والترفيه. عندنا ياولداه كل واحد يتمني يشتغل لحد الخامسة والستين وكثيرون يبحثون عن وسايط ليصدر لهم قرار وزاري بذلك لأنهم يعرفون أن الخروج إلي المعاش يعني الخروج من الحياة. يعني الدولة تحقد علي أصحاب المعاشات وتستولي علي أموالهم التي لو استثمرت بأمانة لارتفعت المعاشات إلي السماء. طيب هل هناك أمل أن تتحسن أوضاع أصحاب المعاشات؟ النظرة الأولي والتاريخية لتصرفات الدولة مع أصحاب المعاشات تقول لا أمل. بل الآن يبتعد الأمل أكثر. وربما تفكر الدولة في فتح سوق تبيع فيه أصحاب المعاشات أنفسهم لكن المشكلة لا أحد سيشتري العواجيز فهم ليسوا فتيات ولا غلمانا. طيب تقتلهم. لو استطاعت لفعلت وهي تفعل ذلك ببطء شديد بالتقاعس عن علاجهم بكرامة وأصحاب المعاشات هم الأكثر في المرض. طيب مادمت لا أري أملا فلماذا أكتب؟ السبب هو البدري فرغلي الذي أعرف تاريخه من النضال وأعرف قدراته رغم تقدمه في السن فروحه لا تنهزم ولم تنهزم قط يوما ما. هو رئيس الاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات وهو في كل تاريخه كان ممثلا للوطن. بسبب حبي وإيماني بتاريخ البدري فرغلي فقط أكتب لكن اعرف أنه لافائدة والدولة تتمني موت كل أصحاب المعاشات في يوم واحد.