عندما يفتي ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية بأن الاستحاضة أو «الدورة الشهرية» التي تمر بها الأنثي هي من الشيطان، فلابد أن يتملكني الفزع في حال وصول شيوخ هذه الدعوة وحزبها إلي مقاعد البرلمان كبديل لمن اتحفونا بأفكارهم الرجعية المتكلسة في برلمان كندهار بتاع حكم المرشد والإخوان، وعندما يفتي بجواز مضاجعة الرجل لزوجته وهي حائض متحديا العلم في الحالتين فلابد أن أضع يدي علي قلبي للمصير الذي ستتعرض له البلاد عندما يكون أصحاب هذه الأفكار هم من يشرعون القوانين ويسنون التشريعات، لنصبح كمن خرج من نقرة ليقع في دحديرة، وربما نقع هذه المرة في بير غويط يجعلني أتساءل عن سر صمت الدولة في مواجهة هذا التيار المتسلف الذي لا تمت أفكاره بأي صلة للسلف الصالح ! ليس ياسر برهامي وحده من يتحفنا بتلك الفتوي الغريبة المريبة التي تسلب عقول البسطاء وتخدع طيبتهم فنجد المجتمع يتراجع حضاريا كل يوم عن اليوم الذي يسبقه، خاصة في المناطق الريفية والشعبية والعشوائية منها التي يرتع فيها الدجل والخرافة والسحر والشعوذة ويجد شيوخ هذا التيار البيئة الحاضنة لما يروجونه من أفكار لا تختلف كثيرا عن أفكار « الدواعش « باسم الدين والشرع والشريعة والإسلام برئ تماما منها. نحن أمام مفترق طرق خطير بشأن البرلمان القادم، الذي سيحدد هوية مصر ومستقبلها الذي يريد هذا التيار استلابه لنعود من جديد لوهم الخلافة المنتظرة، بما يعني إلغاء الدولة بكل مكوناتها، وهم لن يتحقق لكنه يتقاطع مع مخطط برنار لويس في التقسيم. لا تصدقوا أن الدعوة السلفية جماعة دعوية وأن حزب النور حزب سياسي منفصل عنها، الاثنان واحد لا فرق بينهما، كلاهما يستخدم نفس أسلوب التقية، كلاهما لا يؤمن بالديموقراطية لأن الحكم لله وحده وليس للشعب، يرون أن فصل الدين عن السياسة شرك من ألاعيب العلمانية والمدنية، لهذا يشهرون سيوفهم الآن في وجه الكاتب المستنير حلمي النمنم وزير الثقافة الجديد لإرهابه علي أساس أنه أشرك بالله وخالف الدستور الذي أقسم عليه عندما قال إن مصر مجتمع مدني علماني بالفطرة، يطالبونه بالتوبة والاعتذار أو تقيله الدولة، هم يريدون من تتطابق أفكاره مع أفكارهم، من يخالفهم الرأي والرؤية كافر عدو الله والإسلام، هكذا يصورون الأمر للبسطاء لتحقيق الحشد الذي يريدونه في الانتخابات القادمة، هم لا يعلمون أنهم يقسمون المجتمع ويدخلون أنفسهم وأتباعهم في حرب مع كل مثقف تنويري لم ولن يقبل لمصر أن تكون دولة غير مدنية، والحرب بدأت بالفعل بحشد من المثقفين والمفكرين والفنانين والمستنيرين الرافضين للوصايا ممن يريدون جرّ البلاد إلي الخلف في قاطرة متهالكة، جماعة تجيد الصراخ باسم القيم الدينية، وهم أوّل من أهانوا تلك القيم بتفسيراتهم الخاطئة، وأفرطوا في تكفير هذا وتشويه ذاك، حلمي النمنم ليس وحده، ها هو د. طارق حجي يطالب كل مصري أن يُدرك خطورة الإخوان والسلفيين، والمشاركين لهم في الأفكار التي تؤثر علي واقع ومستقبل الوطن، يُعلن تأييده لحلمي النمنم، مطالبا المصريين بالوقوف معه ضد الحملة الغوغائية التي تشنها ضده الأحزاب السلفية، بقيادة شخصيات تمثل ذروة العداء للعقل وللعلم، وقد وصفهم بدعاة الرجعية في أعتي صورها، قاصدا رئيس حزب النور السلفي، وباقي قيادات الأحزاب السلفية، التي اعتبرها قناعا يختفي وراءه مع السلفيين، أعدي أعداء مصر، أي الإخوان».