قصة موسي والخضر فيها جهاد رسول كريم في طلب العلم وبيان لسعة علم الله وعظيم حكمته سيدنا موسي هو كليم الله وهو موسي بن عمران نبي بني اسرائيل صاحب المعجزات الظاهرة والشريعة الباهرة.. اما فتي موسي الذي صاحبه في رحلته إلي الخضر هو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليه السلام وقد كان يخدمه ويتعلم منه.. اما سيدنا الخضر قيل انه كان نبيا وقيل انه كان عبدا صالحا وقيل انه كان وليا. وقد قال محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم ان موسي قام خطيبا في بني اسرائيل ولما سئل اي الناس اعلم قال موسي: انا. فعتب الله عز وجل عليه اذ لم يرد العلم إلي الله فأوحي الله إلي موسي ان لي عبدا بمجمع البحرين «هو المكان الذي يجتمع فيه البحران ويصيران بحرا واحدا وقيل انه ملتقي بحري فارس والروم ملتقي المحيط الهندي والبحر الاحمر عند باب المندب وقيل عند ملتقي البحر الابيض المتوسط والمحيط الاطلسي عند مضيق جبل طارق وقيل انها عند مجمع النيل والبحر المالح عند دمياط ورشيد» وقال موسي يارب كيف لي به فقال الله: تأخذ حوتا «سمكة» فتجعله معك وحينما تفقد الحوت فهناك هذا الرجل فانطلق موسي ومعه فتاه حتي اتيا الصخرة فناما وخرج الحوت بمعجزة واتخذ سبيله في البحر سربا فلما اسيتقظا نسي فتاه ان يخبره بأمر الحوت ولما انطلقا بقية يومهما فلما جاء الغد قال موسي لفتاه اتنا غداءنا فقال فتاه اني نسيت الحوت فرجعا حتي الصخرة فوجدا سيدنا الخضر نائما فسلم عليه موسي فقال الخضر: من انت؟ قال: انا موسي قال: موسي نبي بني اسرائيل. قال: نعم اتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. فقال له: اني علي علم من علم الله لا تعلمه انت. فقال موسي: ستجدني «ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك امرا» فقال له الخضر: فان اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتي احدث لك منه ذكرا.. وفعلا انطلقا معا يمشيان علي الساحل فمرت سفينة فطلبا من قائدها ان يحملهما فعرفوا انه الخضر فيحملوهما بغير اجر وفوجيء موسي بأن الخضر قد خلع لوحا من ألواح السفينة بالشاكوش. فقال موسي ناس حملونا بغير اجر وتقوم بتخريب السفينة لتغرق اهلها وخلع موسي ثوبه ليغطي به ما خلعه الخضر. وقال الخضر ألم اقل انك لن تستطيع معي صبرا وكملا سيرهما بعد نزولهم من السفينة وفي الطريق وجد الخضر صبية يلعبون وبينهم صبي اخذه الخضر علي جانب ولوي رقبته وقطع رأسه وعندئذ غضب موسي وانكر علي الخضر ان يقتل نفسا بريئة لم يرتكب جرما لقد جئت شيئا نكرا. فرد الخضر «ألم اقل لك انك لن تستطيع معي صبرا» وكملا مسيرتهما حتي أتيا أهل قرية استطعما أهلها فابوا ان يضيفهما فوجد موسي جدارا يريد ان ينهدم فأقامه الخضر بيده فقال موسي لو شئت لاتخذت عليه أجرا.. ورد الخضر علي موسي قائلا هذا فراق بيني وبينك ولكني سأشرح لك الاسباب، فالسفينة التي خرمتها كانت ملكا لمساكين يعملون في البحر ويتكسبون منها وكان هناك ملك ظالم يغتصب كل سفينة كاملة صالحة لهذا احدثت فيها عيبا حتي لا يأخذها الملك منهم. اما الغلام الذي قتلته فقد كان سينشأ كافرا فاجرا وكان سيرهق ابويه طغيانا وكفرا وهذا العمل مؤلم في الظاهر ولكن الله اراد بالوالدين خيرا فقبض الغلام إلي جواره وعوضهما ذرية صالحة. أما القرية البخيلة اللئيمة كان بها جدار يريد ان ينقض وتحته كنز من المال وقد اصلحته بأمر الله حتي يكبر اليتيمان ويستخرجا كنزهما لأن والدهما كان رجلا صالحا.. وما فعلت ذلك عن امري!.. ان هذه القصة تؤكد ان الانسان مهما اتسع عقله وعلا منصبه محدود في علمه وأن كثيرا من الأمور يخفي علينا وأن لله عبادا قد يخصهم بنوع من العلم لا يعطيه لجميع الناس ومع ذلك فلا أحد يستطيع ان يصل لسعة علم الله وعظيم حكمته.