يروي التاريخ أن حكاية جنيه إدريس أفندي الأقصري تعد من أغرب حكايات الاقتصادي المصري، فلم تكن الصورة علي الجنيه المصري صورة السلطان العثماني، ولم تكن صورة الزعيم «مصطفي كامل»، ولم تكن صورة الملك الجديد «فؤاد الأول» بشاربه المبروم وصدره المنتفخ، ولم تكن صورة والده الخديو «إسماعيل» حاكم مصر، ولم تكن صورة أخيه الخديو «توفيق»، بل كانت صورة شخص غريب لا يعرفه أحد، صورة «فلاح مصري» لونه يحمل سمرة الجنوب ولحيته يخالطها الشيب وتغطي الجزء الأكبر من وجهه بينما تغطي التجاعيد الجزء المتبقي، وعلي رأسه عمامة، وفيي عينيه نظرة رضا وسكينة، وهذا ما جعل الناس يتساءلون عن ذلك الشخص من يكون ولم وضعت صورته علي تلك العملة التي طالما يوضع عليها صور الملوك والسلاطين، وأعتقد الجميع أنها صورة الفلاح المصري الذي طالما وهب حياته للوطن، وأن هذا اعتراف متأخر بالجميل لهذا الفلاح، لكن الأمر كان أبعد ما يكون عن ذلك!!! فصاحب الصورة اسمه «إدريس» وتم وضع صورته علي الجنيه المصري لأغرب سبب يمكن أن يخطر علي بال، فقد كان إدريس الأقصري يعمل في معية الأمير فؤاد ( السلطان فؤاد فيما بعد ثم الملك ) وقال له ذات يوم ( أبشر لقد حلمت بأنك ستكون ملك مصر وستجلس علي العرش )، هنا نهض «الأمير فؤاد» وضحك ووعد إدريس خيرا أن تحقق حلمه، وكان حلما بعيد المنال، فقد كان الإنجليز وراء الكواليس يبحثون عمن يولونه عرش مصر ويدير دفة الحكم لصالحهم ووجدوا في فؤاد ضالتهم فهو الوحيد من وجهة نظرهم الذي يمكن أن يخدم إمبراطوريتهم ويحركونه كما يشاءون، فنصبوه سلطانا علي مصر ثم ملكا عليها وجعلوا الملك وراثيا في أسرته. وتحقق حلم «إدريس أفندي الأقصري»، وكافأه «الملك فؤاد» أعظم مكافأة حيث وضع صورته علي أول جنيه مصري من العملة الورقية.