عماد متعب عاشت الكرة المصرية سنوات سمانا في المدرجات وسنوات عجافا وعزوفا جماهيريا قبل ان تحدث انفراجة حقيقية بحضور نحو 40 الف متفرج في اللقاء الذي جمع المنتخب الوطني مع نظيره السنغالي باستاد القاهرة مساء أمس في الجولة قبل الاخيرة للتصفيات القارية المؤهلة لنهائيات كأس الامم الافريقية بغينيا الاستوائية 2015 الحياة الكروية بدون الجمهور في المدرجات ينقصها شئ.. وهو شئ كثير.. يقولون أن الجمهور هو اللاعب رقم 12 والتجارب وحلاوة الرقص والتشجيع في المدرجات جلعت ووضعت الجمهور في صدارة ترتيب افراد المنظومة الكروية.. الجمهور بالنسبة للكرة هو الحياة ولا حياة للكرة بلا جمهور ! الجمهور في مصر وبالتحديد منذ أن أبهر العالم في بطولة افريقيا 2006 التي فاز بها الفراعنة صار ظاهرة وجزءا لا يتجزأ من حياة المصريين الكروية.. كرر الجمهور المشهد الجميل عندما نزل للشوارع بغزارة في أعقاب تتويج الفراعنة للمرة الثانية علي التوالي في غانا 2008 وللمرة الثالثة بعد احرازه للبطولة القارية في انجولا 2010. الخلاصة ان الجمهور المصري نجح علي مدار سنوات في رسم صورة مثالية رائعة, ولافتة للانظار, في ظل سياسة تنظيمية ممنهجة ومدروسة, أجادها القائمون علي التنظيم في 2006 بالقاهرة, لنشاهد وﻷول مرة العائلات والاصدقاء وهم يتشحون بعلم مصر. السنوات التي اعقبت بطولات الفرحة القارية في 6 سنوات متتالية, كانت بالنسبة للمصريين سنوات سمانا, تألقت فيها المنتخبات الاول والاوليمبي والشباب, باحراز البطولات القارية والتواجد القوي في المحافل الاولمبية ومونديال الشباب, ورسم فيها الاهلي الفرحة باحرازه البطولات القارية تباعا, وحلوله ضيفا كبيرا علي البطولات العالمية الكبري ! ولم يكن يتوقع اكثر المتشائمين ان السنوات السمان للجمهور المصري والمنتخبات والاندية, سيعقبها سنوات عجاف قاسية, وصمت رهيب في المدرجات الخاوية.. حدث ذلك عقب اكبر حادثة في تاريخ الكرة المصرية بالمدينة الباسلة بورسعيد في لقاء الاهلي والمصري بالدوري..راح 74 شهيدا في عمر الزهور ضحية لعملية غادرة في نوفمبر 2012 ومن يومها وصارت الغربان محتكرة للمدرجات.. وصارت مباريات الكرة بين تجميد للنشاط, وعودة للنشاط بدون جمهور, باستثناء بعض التواجد الضعيف للجمهور بالمدرجات, جاءت علي فترات متباعدة, وبحذر ووسط تشديدات امنية قوية, وعمليات كر وفر جماهيري في المباريات المهمة للفرق الكبيرة مثل الاهلي والزمالك.. واستمر الحضور الجماهيري متفاوتا لفترة طويلة تخللتها ثورتا 25 يناير في 2011 و30 يونيو 2013. الحياة الكروية المصرية تغيرت في السنوات العجاف.. فقدت ضحكتها الحلوة في المدرجات.. فقدت هتافات الجماهير الساخرة والحماسية.. فقدت اهتمامها بأن تعرف آخر نكتة كروية.. فقدت آهاتها لكل جرح كروي يصيب المنتخب, وفقدت ايضا سعادتها لكل نصر تحققه انديتنا او منتخباتنا.. لم يكن للحياة الكروية طعم.. كل واحد من هؤلاء المشجعين فقد عمره ليالي واياما وشهورا تجاوزت الثلاث سنوات. وتوالي ظهور الجمهور علي فترات وباعداد بسيطة ومتفاوته إلي ان حدثت الانفراجة في لقاء الذهاب السابق الذي جمع المنتخب الوطني مع بتسوانا بالقاهرة أوبغض النظر عن بعض التصرفات غير المسئولة من قلة اثارت شغبا وقبضت عليها قوات الامن, فقد كانت ليلة بتسوانا بداية حقيقية لعودة الجمهور, في مشهد اعاد للأذهان جزءا من الصورة الجميلة للجمهور في افريقيا 2006, وعزز هذه الصورة وجود قيادات الدولة في المقصورة الرئيسية وزادت الانفراجة بحضور نحو 40 الف متفرج في لقاء امس وسط اهتمام كبير من الدولة.