للحياة أوقار يحملها الرجل وإنها لثقيلة عليه, فأين يدع أوقاره هذه وقد خلقه الله في كبد؟! إن الله جعل له نظاما من نفسه يذود عنه همومه ويحمل كثيرا من شئونه, يضيء له حياته في ظل دروب حياته وظلمة ليله, إنها المرأة: نصف الرجل, محل شكاته, وعود ظهره, وعدة بيته, ومحل نجواه, نعمة من الله له وآية, أجمل بها من آية! لكنها لاتكون إلا لمن حمل الأمانة علي حقها فأنزلها من نفسه منزلتها, فحينما يخرج الرجل إلي عمله يحمل علي كتفه شعبتين: شعبة العقل, وشعبة الرأي,فيكدح ويتعب من أجل أن وكذلك المرأة حينما تصبح تستقبل يومها بعواطف صادقة يتجلي قلبها بها,فيخفق من أجله اشتياقا إليه,فتنتظر الساعات الطوال لقدومه, وقد نظفت بيته, وعطرت مسكنه, وهيأت نفسها لاستقباله مع كل لحظة يقترب وقت قدومه إليها, فبمجرد أن تراه وكأن روحها قد ردت إليها, فتلم شعثه وتشفي جرحه وتذيب همه,ماأجمل أن تعيش المرأة مع الرجل بقبلها الصافي النقي وأن تصبح سريرتها كاسية لروح الوفاء والأمل بينهم من حب وحنان وإحسان! وقتها فقط يشعر الرجل أن المرأة هي الميزان الذي يقيم مائله ويلملم انفراط عقده من مشقات الحياة. فإذا صارت المرأة إلي هذه الصفة كانت ملكة متربعة علي قلب زوجها,إذا قالت وقع كلامها في قلبه,فإن كان مفزوعا أو خائفا تجده آمنا من فزع,ذلك لأنها تحمل مايحمل وتشعر بما يشعر كقول خديجة:والله لايخزيك الله أبدا, إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين علي نوائب الدهرهذا قول السيدة خديجة التي آذرته بكلامها وأعطته من مالها لتنصر دعوته,فكانت كلماتها سيفا يشق ظلمة الكفر ليسطع نور الحق نور الإسلام. وعليه, فإن المرأة هي نصف الرجل وليست بضعيفة,إنما هي والرجل ميكنة الكون وأداته, فإذا نهضا نهض الكون معهما وإذا وهنا وهن الكون بهما. فإذا قام كل واحد بالدور المنوط به كانا قادرين لإفراخ جيل عريق قادر علي دفع الأمة من فترة الركود التي أصابته إلي مجد الأعالي, محلقا في أعلي قمة ينبغي أن يقف الإسلام عليها شامخا صناعا حضارة, وليست شمس الإسلام وقت أوجه عنا ببعيد.