تدور فى سوريا عدة معارك، يجرى التكتم على بعضها، بينما معركة إدلب، التى دخلت مراحل الإعداد الأخيرة، ستكسر حاجز الصمت، أهم المعارك الصامتة تدور فى شرق الفرات، حيث معركة استنزاف لقوات سوريا الديمقراطية، التى تعمل فى ظل القوات الأمريكية، وتواصل المراوغة فى تسليم الأراضى التى تسيطر عليها قوات الجيش السورى. وتتعرض قوات سوريا الديمقراطية لضغوط سياسية وشعبية، إلى جانب عمليات استنزاف عسكرية أودت بالعشرات من جنودها، فالسكان ينظمون مظاهرات تنديد بالقوات الكردية المتمردة، التى سقط مبرر سيطرتها على أراض واسعة بدعوى التصدى لقوات داعش، وبالإعلان عن انتهاء العمليات ضد داعش أصبحت الحكومة السورية والأغلبية العربية فى شرق الفرات تنظر إليها على أنها تسعى لفرض أمر واقع بالاعتماد على قوات أجنبية، فى الوقت الذى زادت فيه معدلات الاشتباكات والكمائن التى تتعرض لها القوات الكردية، وأسفرت عن سقوط 16 قتيلا خلال الأسبوع الحالى. وأعلنت سوريا عن افتتاح الخط البرى الذى يربط بين دمشق وبغداد، رغم التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بشن غارات على أى شاحنات قد تنقل أسلحة من إيران إلى لبنانوسوريا عبر العراق، فى الوقت الذى لم تتوقف فيه محاولات تعزيز القوات الكردية لتكون قادرة على قطع التواصل بين العراقوسوريا، رغم فشل كل المحاولات السابقة، والصعوبات المتزايدة بسبب التواجد الكثيف لقوات سورية وعراقية على الجانبين، وغارات جوية وتمشيط لمنطقة البادية السورية خشية شن هجمات تنطلق من مخيم الركبان على الحدود الأردنية، وكررت روسيا مطالبة الولاياتالمتحدة بالسماح بعودة النازحين السوريين من مخيم الركبان إلى مواطنهم، وإخلاء قاعدة التنف، واستكمال الانسحاب من شرق الفرات. وكان التوتر حول الحدود السورية العراقية تزايد فى الآونة الأخيرة بسبب الحصار الأمريكى على إيرانوسوريا، ومحاولة منع إيران من تصدير النفط، وتضييق الخناق على سوريا، بينما تسعى طهرانودمشق إلى كسر الحصار عبر التواصل الجغرافى وتعزيز التبادل التجارى. ويبدو أن معركة إدلب أصبحت وشيكة بعد وصول تعزيزات ضخمة للجيش السورى إلى ريف حماة الشمالى، وتأكيدات سورية وروسية على أن تطهير المناطق المزروعة بالسلاح من الإرهابيين بات ضروريا، وأن انتهاك الاتفاق الموقع مع تركيا بسحب هؤلاء المسلحين يجب تنفيذه بكل الوسائل، وبعد مضى الوقت الكافى وتجديد المهلة بات اللجوء إلى القوة هو الحل المناسب، ومع تكرار المراوغات التركية بشأن نزع أسلحة تلك الجماعات وتأمين المدن السورية القريبة وأهمها حلب وحماة، تأتى تلك التحركات العسكرية لتضع تركيا أمام الأمر الواقع، وترفض تجديد أى مهل لإنهاء الوضع الشاذ فى إدلب، غير القابل للاستمرار حسب تأكيدات موسكوودمشق. كان وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف طلب من تركيا تنفيذ ما سبق الاتفاق عليه فى اجتماعات سوتشى، ووضع حد للتواجد العسكرى للجماعات الإرهابية فى إدلب، والتى أطلقت صواريخ الكاتيوشا أكثر من مرة على أحياء حلب وعدد من قرى حماة وأوقعت قتلى وجرحى بين المدنيين. أما أخطر المعراك الصامتة فى سوريا فهى التى تدور بين مساعى سوريا لإعادة بناء قواتها المسلحة وصناعاتها العسكرية والغارات الإسرائيلية التى تحاول إنهاء الوجود الإيرانى فى سوريا، ومنع دمشق من بناء صناعات صاروخية تهدد عمقها الإستراتيجى، وهى الأزمة التى عجزت موسكو عن التوصل إلى حل لها حتى الآن، وترغب فى طرح مبادرة سلمية جديدة فى المنطقة، ترى موسكو أنها وحدها القادرة على خفض مستوى التوتر، وإنهاء بؤر الصراع على امتداد المنطقة.