حينما كنت علي أبواب الجامعة عام1973 كان الجيش المصري يدك حصون بارليف ويعبر أكبر مانع مائي, ويحتل أكبر مانع صناعي وقتها وهو خط بارليف ويحقق المعجزة الكبري التي طالما حلم جيلنا بتحقيق بعضها وهي النصر ولو مرة واحدة علي إسرائيل التي قتلت الأمل في جيلنا في5 يونيو.1967 وبعد فترة قصيرة من الحرب علمنا بإصابة شقيقي/ صلاح إبراهيم علي الضفة الشرقية, وبعدها علمت الأسرة باستشهاد ابن خالتي بطل الصاعقة مراد عبد الحافظ الذي ودعناه بدموع غزيرة, ولم يخفف من حزن الأسرة عليه سوي حصوله علي أرقي وسام عسكري مصري هو نجمة سيناء من الطبقة الثانية مع تسمية إحدي المدارس باسمه. كان الشهيد مراد تلميذا نجيبا لأسد الصاعقة/ إبراهيم الرفاعي الذي وجدت نفسي أحبه بقوة دون سبب ظاهر, وأتابع سيرة حياته, وحين تأملتها جيدا وجدت أننا قصرنا مع هذا البطل العظيم الذي دوخ الإسرائيليين وأذل كبرياء الجيش الإسرائيلي بشجاعته النادرة وعبقريته العسكرية, فمجموعته الفريدة التي أطلق عليها مجموعة 39 قتال تعد النموذج الأمثل للصاعقة المصرية في بطولتها وشجاعتها. في يوم19 أكتوبر73 استشهد إبراهيم الرفاعي وفي اليوم الذي يليه استشهد تلميذه مراد سيد, والغريب أن مصر لم تنتج أي فيلم وثائقي ولا روائي عن هذا البطل العظيم ولا عن أمثاله. ولو كان الرفاعي هذا إسرائيليا أو أمريكيا لصنعوا من بطولاته أسطورة يتغني بها العالم ولأنتجوا في سيرته عدة أفلام روائية. لقد كتبت الشئون المعنوية للقوات المسلحة كتابا عن الرفاعي, وكتبت مسرحية عن بطولة ابن خالتي مراد ولكن هذا لا يكفي مع أمثالهما. لقد كان الرفاعي أسدا حقيقيا فهو أول من عبر إلي الضفة الشرقية للقناة بعد هزيمة 5 يونيو واستطاع نسف قطار إسرائيلي في الشيخ زويد ونسف كل مخازن الذخيرة التي تركها الجيش المصري أثناء انسحابه من سيناء. وهو أول من أحضر أسيرا إسرائيليا بعد النكسة.. فقد استطاع أسر الملازم داني شامعون بطل الجيش الإسرائيلي في المصارعة دون إصابة وأحضره من بين أحضان جيشه وزملائه في شجاعة نادرة. وهو صاحب الرد الحاسم مع مجموعته علي استشهاد الفريق عبد المنعم رياض حيث عبروا القناة من موقع المعدية رقم6 علي الضفة الشرقية التي أطلقت المدفعية علي الفريق رياض واستطاع قتل 44 جنديا وضابطا إسرائيليا وفجر المعدية ورفع العلم المصري عليها. وقد طالبت إسرائيل بعدها مجلس الأمن بإلغاء سلاح الصاعقة المصرية لأنهم غير آدميين, ناسيين أن إسرائيل هي التي ذبحت آلاف الأسري المصريين بعد نكسة 1967 مخالفة بذلك كل الأعراف والقيم الدينية والإنسانية والقانون الدولي. وهذه المجموعة هي التي أذلت قوات شارون في الثغرة وأجبرتها علي الانسحاب. وفي معارك الثغرة استشهد الرفاعي ومعه مراد سيد ابن خالتي بعد أن قامت المجموعة 39 قتال بأكثر من 72 عملية فدائية. لقد تأثر الرفاعي وكل الأبطال بهزيمة يونيو التي لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل حتي أصيب الرفاعي وقتها بقرحة معدة من شدة الحزن علي ما آل إليه حال مصر وعلي احتلال إسرائيل لسيناء والقدس. فهل يهتم المنتجون والدولة ببعض سير هؤلاء الأبطال وغيرهم في أفلام وثائقية أو روائية بدلا من إطلالات تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع, فلا تحيا الأمم بالرقص أو الميوعة أو من السبابين والشتامين, ولكن بالعلم والإرادة والعزيمة والفداء والتضحية والعرق والتدريب والكسب الحلال. رحم الله الشهيد العظيم إبراهيم الرفاعي وابن خالتي/ مراد سيد.. ورحم الله الرئيس السادات الذي حول الهزيمة إلي نصر.. ورحم الله كل من ساهم في إنجاز هذا النصر بدمائه أو بعرقه أو بقلمه أو بمؤازرته.. رحم الله كل من يرعي وطنه ويذود عنه.