علي الرغم من حالة الرواج السينمائي التي تشهدها مصر سواء علي مستوي إنتاج الأفلام أو في عدد دور العرض التي انتشرت بكثرة في المولات التجارية, إلا أنه يظل قطاع كبير من الجمهور غائبا عن مشاهدة أي فيلم مصري وهو جمهور الصعيد الذي يعاني عدم وجود دور عرض سينمائية تتيح لأبنائه مشاهد الأفلام المصرية المعروضة في أغلب المواسم المختلفة. وهو ما يعني عدم وصول أغلب الأعمال السينمائية المعروضة لقطاع كبير من الجمهور في ظل عدم وجود دور عرض, بينما الجزء الآخر يعاني الإهمال, يأتي ذلك في الوقت الذي يغيب فيه المستثمرون عن خوض تجربة بناء دور عرض سينمائية مكتفين بالاستثمار في المحافظات الأخري كالعاصمة مثل القاهرة أو الإسكندرية وغيرها من المحافظات مضمونة الربح, بينما يكتفي مشاهد الجنوب بمشاهدة الأعمال التليفزيونية أو الاستماع للأعمال الإذاعية فقط. من جانبه استنكر الناقد طارق الشناوي حالة غياب الوعي والثقافة لإنشاء دور عرض في محافظات الصعيد قائلا: للأسف ليس لدينا وعي كاف بأهمية وجود ثقافة سينمائية في عدد كبير من محافظات الجمهورية ومن بينها محافظات الصعيد, وأري أن القطاع الخاص إذا رأي أنه سيجلب من وراء افتتاح دور العرض في محافظات الصعيد أموالا سيقوم بإنشاء دور العرض علي الفور, ولكن المستثمر ينظر للعائد الذي سيجنيه من وراء وجود دور عرض. وأضاف أن عدم افتتاح دور عرض جديدة يعني اقتصاديا أنها غير مجزية, بالإضافة إلي غياب الثقافة لدي أصحاب رءوس الأموال ممن يدعمون الثقافة. وأشار إلي أن هناك تراجعا في بناء دور العرض في الفترة الأخيرة, رغم قيام أصحاب رءوس الأموال بدعم الثقافة وتوجيه جزء من أموالهم إليها وهو ما يسهم في خلق قوة شرائية في المجتمع تدعم صاحب رأس المال. وأوضح أنه للأسف حتي المشاريع الثقافية والسينمائية أصبحت مرتبطة بالأشخاص وليس بالعمل نفسه فمثلا منذ عامين قام حلمي النمنم وزير الثقافة السابق بوضع حجر الأساس لبناء أوبرا في محافظة الأقصر ولكن المشروع توقف فجأة مع رحيله ولا ندري إلي أين وصل وما مصيره؟. تابع قائلا: إنه ليس من السهل تحويل مراكز الثقافة في محافظات الجمهورية إلي دور عرض سينمائية, لعدة أسباب أولها أن90% من دور العرض غير مؤهلة وتحتاج إلي ترميم إضافة إلي ضعف إمكاناتها الموجودة بداخلها, كما أن فكرة التحويل لدور سينما تحتاج إلي مليارات, وبالتالي فإن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها البعض, كما أن مراكز وقصور الثقافة غير صالحة للتعاطي مع الثقافة والإنتاج, ولهذا أعتقد إذا وضعت الدولة خطة لنشر الثقافة وبناء دور عرض سيكون لها مردود قوي علي المجتمع. وقال الكاتب عبد الرحيم كمال تعاني محافظات الصعيد غياب دور العرض فلا توجد سينما واحدة لعرض أي من الأفلام السينمائية, ولا أعتقد أن الوضع سيتغير كثيرا بعد7 آلاف عام, لأننا ليس لدينا وعي بأهمية دور العرض لنشر الثقافة. وأضاف كنت أول من ينادي ولمس بيديه مشكلة غياب دور العرض عن الصعيد فلا توجد سينما واحدة فمثلا محافظة سوهاج التي أنتمي إليها لا يوجد بها أي سينما بعدما كان بها5 دور عرض, فالأهالي محرومون من مشاهدة الأفلام في الوقت الذي أصبحت فيه السينما حكرا علي أهالي العاصمة فقط. ونادي الكاتب ناصر عبد الرحمن بضرورة تحويل مراكز الثقافة وقصور الثقافة إلي دور عرض سينمائية, قائلا: بحكم تجربتي كواحد من أبناء الصعيد أن بلادنا محرومة سينمائيا لذا أري أن تحويل مراكز وقصور الثقافة إلي أماكن مخصصة للعرض السينمائي للأفلام هو الحل الأنسب لحل الأزمة في محافظات الصعيد ولا بد من تجهيزها بالشكل الأمثل وتوفير الإمكانات المناسبة للعرض السينمائي واستقبال الأفلام المختلفة, فلا يعقل أن تكون هناك مهرجانات سينمائية في محافظات الصعيد دون أن يكون هناك دار عرض واحدة. وأضاف أن هناك نظرة خاطئة حول أن الأهالي والجمهور في الصعيد غير مؤهلين لنشر واستقبال الثقافة السينمائية بل بالعكس هم أكثر وعيا من الجمهور العادي في محافظات أخري, إضافة إلي أن دور العرض في القاهرة مكتظة بالجمهور علما بأن معظم من يعيشون في القاهرة من أصول صعيدية وهو ما يؤكد أن الناس لديهم وعي كبير بأهمية السينما وما تطرحه من قضايا مختلفة. بينما رأي الناقد وليد سيف رئيس المركز القومي للسينما السابق أنه أصبح من البساطة وجود آلات وأجهزة ومعدات عرض في السينما فبدلا من العرض علي أجهزة35 ملي والبكر وغيرها أصبحت هناك سهولة في العرض مثل أجهزة عرض الفيديو الحديثة المتقدمة, فهي بسيطة وسهلة وغير مكلفة, خاصة مع وجود قصور الثقافة, فمثلا في الوقت الذي لا تستطيع الدولة عمل قاعات عرض سينمائي متخصصة يمكنها أن تستغل قصور الثقافة في العرض باستخدام أجهزة السي دي والدي في دي. وأضاف أن هناك مشكلة أخري ليست لها علاقة بالمكان أو الأجهزة, وهي أن هناك حالة من الغياب للأنشطة الثقافية في هذه الأماكن بقصور الثقافة ومراكزها المختلفة في المحافظات. تابع: للأسف أزمة دور العرض السنمائي ليست في الصعيد فحسب ولكن حتي في القاهرة نري كل يوم سينما تهدم, مثلا أنا من أبناء حي السيدة زينب وكنا نمتلك8 دور عرض لكن للأسف هدمت كلها ولم تبق أي واحدة منهم فما بالك كيف يكون الوضع في الصعيد؟ بكل تأكيد مؤسف جدا.