كان سيد قطب من تلاميذ العقاد حتي وقعت الجفوة بينهما,وقد مر بمراحل فكرية متعددة فقد كان في بداياته مع الوفد ثم انتقل إلي الإخوان بعد عودته من أمريكا, وكان يدافع في بداياته الفكرية عن العلمانية ثم انتقل للدفاع عن الأفكار الإسلامية ثم انتقل لجماعة الإخوان ثم كون فصيلا متشددا مستقلا داخلها ليصبح المنظر الأهم لأكثر الجماعات التكفيرية والجهادية. فقد تحول فكره نحو التطرف والتشدد وإطلاق مسميات عامة مثل المجتمع والحكم الجاهلي التي فهم منها أنها تكفر المجتمع والحكام, ويعد كتاب في ظلال القرآن هو أهم كتبه وأشهرها,وأري أن أهم نقاط الخلل في فكره ما يلي:- أولا: كتب سيد قطب الظلال بأسلوب أدبي جذاب ولكنه لم ينضبط بالضبط الفقهي أو قواعد العقيدة الإسلامية الصارمة. والأسلوب الأدبي فضفاض وغير منضبط, وتختلف لغة الأديب المرسلة الحالمة عن لغة الفقيه المنضبطة,فالفقيه أشبه بالمحاسب الذي لديه1+1=2 أما الأديب والشاعر فلغته حالمة خيالية فضفاضة ويمكن أن تكون لديه1+1=20 وهذه اللغة الأدبية الفضفاضة لا تصلح أن تؤخذ منها أحكام الفقه فضلا عن أحكام العقيدة. ثانيا: سمي قطب كتابهفي ظلال القرآنولم يسمه تفسير القرآن,ولكن المصيبة الكبري أن أكثر الجماعات التي تأثرت بالكتاب أخذت كل ما كتبه قطب علي أنه قرآن منزل أو أحكام فقهية أو عقائدية متفق عليها أو مجمع عليها,ويا ويل من يناقشها,فأخذوا ينزلون كلمات قطب علي مجتمعهم وحكوماتهم ودولهم بطريقة خاطئة, ويتعاملون معها تعامل المعصوم. ثالثا: أطلق كتاب في ظلال القرآن تعبير الجاهلية في أكثر أحاديثه عن سور القرآن وأعادها وكررها رغم أن الكلمة لم تتكرر في القرآن كثيرا,ولم تدر آياته حولها. ثم أطلق الجاهلية وقسمها,فتارة يتحدث عن حكم الجاهلية,والمجتمع الجاهلي,وأفاض في الحديث عن الجاهلية التي ربطها بالكفر بطريق غير مباشر دون تحديد دقيق لمعني الجاهلية, وأن أي مسلم أو مؤمن يمكن أن تعتريه صفات الجاهلية في بعض الأوقات ولا يخرج عن الإسلام بذلك. فلم يفصل قطب فصلا دقيقا واضحا بين مصطلحيالجاهلية والكفررغم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وصف أحد الصحابة الأجلاء بقوله إنك امرؤ فيك جاهلية ولم يقل أحد بكفر هذا الصحابي,بل لم يأت هذا المعني في ذهن أي أحد. لقد أنزلت كل الحركات الإسلامية الجهادية أو التكفيرية العنيفة كل كلمات سيد قطب عن جاهلية الحكم علي كل حكام المسلمين وكفرتهم جميعا دون استثناء,وأطلقت علي الجيوش والشرطة في كل بلاد العرب هذه الأوصاف ونقلتهم من خانة الإسلام إلي الكفر. رابعا: أطلق سيد قطب تعبير الاستعلاء بالإيمان كثيرا, وهذا المصطلح غامض جدا, ولم يستخدمه أحد من علماء المسلمين من قبل علي الإطلاق, وهل الإيمان يدعو للاستعلاء علي الآخر غير المؤمن أو غير المسلم أم يدعو للتواضع للناس جميعا, والانكسار لرب الناس. خامسا: أدار سيد قطب كل آيات القرآن العظيم حول فكرة إنزال جماعة الإخوان محل جماعة الرسول الأولي, وإنزال عبد الناصر وأعوانه, وكل الحكام العرب منزلة أبي جهل وقريش الذين يصدون عن سبيل الله ويرجونها عوجا. وأن الصراع بينهما محوره الإيمان والكفر, رغم أن حقيقة الصراع بينهما كانت سياسية في أصلها وأساسها. وأسوأ ما يضر القرآن هو توظيفه سياسيا من قبل الحكام لمصلحتهم أو توظيفه سياسيا من قبل الجماعات الحركية لمصلحتهم كذلك, القرآن أسمي وأبقي وأغلي من الحكام والجماعات أيضا, وآياته أشمل من أن تحصر في معني واحد من هذه المعاني السطحية الوقتية.