في بدايات القرن الماضي دخلت مفيدة عبدالرحمن الجامعة وأصبحت أول سيدة مصرية تلتحق بها, ومع ذلك لم تخل بدورها كأم وزوجة. وتخرجت في كلية الحقوق وعملت بالمحاماة وحققت شهرة مصرية وعربية, ويحسب لحضرة الأفوكاتو النابغة انها ترافعت في أكثر من400 قضية مهمة. بعضها شغل الرأي العام لسنوات طويلة, وأصبحت بكل معني الكلمة سيدة فوق العادة خاصة انها تمكنت وهي أم لتسعة(9) أولاد أن تمارس المحاماة بتميز منقطع النظير. لم يثنها هذا التفوق عن تحقيق تفوق آخر لا يقل أهمية وهو تصاعد دورها السياسي وإيمانها بقيمته بل وتأثيرها في المجتمع. فقد كانت عضوا في البرلمان لسنوات طويلة, وفوق كل هذا لم تقصر في حق أسرتها وكانت تصر علي أن تمسح حذاء زوجها يوميا, قبل ذهابها إلي المحكمة. لأنها ارادت أن تشعره أنها زوجته هو, قبل أن تكون محامية مشهورة أو سياسية معروفة ولم تكن تجد في هذه اللمحة البسيطة أي مهانة أو مذلة لكبريائها وكرامتها. لقد نعمت مع زوجها بحياة كان يحسدها عليها الكثيرون علي مدار نصف قرن من الزمان, وكانت دليلا قاطعا علي مدي التوافق الحسي والمعنوي لزوجين يحترم كل منهما الآخر ويسانده لتحقيق ذاته بطريقة تتسم بالرقي والحب والتفاني في العطاء وكانت تخشي علي ألبوم الذكريات الذي كان يحوي كل الخطابات والصور الخاصة بها وزوجها واعتبرته من المقدسات التي لا يصح لأحد الاطلاع عليها. إذا وضعنا هذه السيدة تحت المجهر الآن وقمنا بعملية مقارنة بسيطة بينها وما نشاهده من تصرفات لعدد كبير من الفتيات اعتقد أن النتيجة ستكون معروفة سلفا, وهي لمصلحة مفيدة عبدالرحمن بلا جدال, والدليل علي ذلك يبدو واضحا في صور ومشاهد كثيرة. ويكفي أننا نقف عند سباق عدد كبير من البنات لنشر صورهن الخاصة علي الفيس بوك, لنتأكد من النتيجة السابقة, وأصبح شيئا عاديا جدا تداول بعض اللقطات الخاصة بين المعارف والأصدقاء. حيث انتهي زمن الخصوصية وأضحي العالم كله مفتوحا علي مصراعيه لكل شيء وأي شيء طبعا موضوع المساواة بين الرجل والمرأة الآن من البديهيات والبنت تسبق الشاب إلي المظاهرات والاعتصامات وترشق رجال الشرطة وتبيت في خيام ميدان التحرير, وقد شاهدت احداهن منذ عدة أيام وهي تتباهي في محطة تليفزيونية انها علي استعداد للمبيت عدة أيام خارج منزلها من أجل الاعتصام بالتحرير أو ماسبيرو. في تقديري أن هذا لا يدخل في باب الشطارة السياسية أو حتي اللياقة الاجتماعية لأنه يأخذ المرأة لأدوار بعيدة جدا عن دورها الأساسي, لاسيما أن ما نراه الآن يفتقد للتوازن بين الحياة الاجتماعية الصحيحة والواجبات الوطنية المفروض ان تؤديها كل فتاة. فهل عجز كثير من الرجال عن توفير احتياجات المرأة هو سبب مانراه من مشاكل؟ وهل لي من باب الفضول أن استفسر هل فشل الشباب في الوصول إلي الحل الأمثل للنهوض بكل احتياجات الشعب في هذه المرحلة الحرجة هو السبب؟ وهل نزول مئات أو حتي آلاف الفتيات إلي الشوارع والميادين الكبري للمشاركة هو الذي سيعيد لمصر بريقها وحريتها؟ ولا تعني هذه الأسئلة الصعبة بالطبع عودة إلي عصر الحريم, لكن الإجابة عنها يمكن أن تكون مريحة لنا جميعا لانها يمكن أن تجعلنا نحدد طبيعة الدور الذي يجب أن تقوم به الفتاة لتحقيق المعادلة الصعبة والتوفيق بين مواءمات كثيرة تعاني منها يوميا. عزيزتي كل فتاة في عمر الزهور إذا افتقدت الرغبة في المحافظة علي كيان أسرتك الصغيرة قبل كل شيء ليتك ترحلين لانك لا تستحقين وجودك بين جدران ذلك البيت أو خارجه. هالة برعي