باتت الفقرات الإعلانية الطويلة أمرا منفرا للجمهور من شاشة التليفزيون بشكل عام, ففي الوقت الذي يبحث فيه المشاهد عن مشاهدة عمل فني كامل يجد العنصر الإعلاني يقف حائلا بينه وبين المسلسل أو الفيلم حيث تستمر الفقرة الإعلانية لدقائق طويلة, وهو ما جعل المشاهدة علي التليفزيون عنصر غير جاذب للجمهور. ورغم تعدد قنواته الفضائية وتنوعها لإرضاء جميع الشرائح والأذواق, فإن هذا العدد الكبير من القنوات أصبح سلاحا ذا حدين فلا يجد المشاهد الوقت لمتابعة هذا الكم الهائل من البث, وعوضا عن هذا لجأ لتقنيات حديثة أخري مثل اليوتيوب, ومواقع التواصل, التي من خلالها أصبح باستطاعته أن يختار ما يراه في دقائق بدلا من تمضية ساعات أمام شاشة التليفزيون لمتابعة برنامج أو أي عمل أخر, وهو الأمر الذي بات يهدد الصندوق الأسود أو التليفزيون. يقول ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي إن أنماط التعرض للمحتوي الإعلامي حدث بها تغيير جوهري بسبب التطورات التقنية الحديثة, وهذا التغيير يشمل تحول جذريا في عادات المشاهدة بسبب الزيادة الكبيرة في القنوات الفضائية والمحتوي الإعلامي الذي يتم بثه, وأيضا درجة المنافسة بين القنوات, فأصبح الوقت المخصص لمطالعة المحتوي الإعلامي أقل من المعروض بكثير, وأصبح المشاهد غير قادر علي مشاهدة برنامج3 ساعات وهذا ما ساعد في إبراز يوتيوب في مجال التلقي, كما أصبحت قطاعات كبيرة من الجمهور تكتفي بمشاهدة فقرات فقط عليه. وتابع قائلا: بجانب أن القنوات الفضائية المختلفة أصبحت تبث محتواها مرة أخري علي يوتيوب عبر تقطيعه واختزاله فساهمت في ذلك بإبعاد المشاهد عن التليفزيون, وبسبب هذا التحالف أصبحت مسألة التعرض لليوتيوب تزيد بوتيرة متصاعدة. وأضاف بالطبع هذا له سلبيات لأنه ينزع الإفادات من السياق ويعزز فرصة عدم تقديم الصورة الكاملة لبعض القضايا الإعلامية نظرا لأنه يمكن أن تطرح بعيدا عن سياقها التي تناولت فيه. بينما قالت دكتورة ماجي الحلواني عميد كلية الإعلام الأسبق: إن هناك تفاوتا في نسب المشاهدة فهناك كبار السن أو أصحاب المستوي المتوسط الذين يعتمدون في مشاهدتهم علي التليفزيون, لكن في الوقت نفسه هناك قطاع عريض من الشباب والطبقة المثقفة, يعتمد علي الوسائل الحديثة مثل يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي, وهي ظاهرة بالطبع حدث فيها مثل ما يحدث مع أي وسيط جديد حيث يسحب البساط من الأقدم منه, لكنه لا يقضي عليه, وستأتي وسيلة جديدة تسحب منها بعد ذلك البساط, لكن مازال هناك الجمهور يحب أن يتابع النشرات الإخبارية, ومتابعة المسلسلات. وأضافت أن القنوات الفضائية استفادت من الوسائل الحديثة بزيادة نسب المشاهدة لبرامجها, خاصة أن من يفوته برنامج أو مسلسل يستطيع مشاهدته من خلال يوتيوب, وأيضا تسمح الوسائل الحديثة بانتشار للبرامج أو الفقرات التي تنال إعجاب الجمهور, ومثال علي ذلك حلقة كابتن حازم إمام مع أبلة فاهيتا, التي حققت نسب مشاهدة عالية علي يوتيوب مما جعل القناة تعيد الحلقة أكثر من مرة. وأوضح د.سامي عبد العزيز أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن الاتجاه الآن هو أن كل مواطن له إعلامه ووسيلته في ذلك, فزادت حريته في الاختيار من خلال التوقيت المناسب له واختيار المحتوي الذي يشاهده والذي لا يشاهده. وأضاف أن هذا ليس عزوفا عن مشاهدة التليفزيون بقدر ما هو مشاهدة محتوي القنوات من خلال وسائل أخري حديثة, كما أن يوم المواطن المصري طويل ومليء بالعمل فيعود إلي منزله مرهق لا يستطيع متابعة برنامج طويل لذلك يختار التوقيت المناسب له للمشاهدة والمحتوي الذي يريده.