تتباري المحلات والمعارض في جذب أكبر عدد من العملاء. لعموم الزبائن, يحتل السعر صدارة عوامل جذب المشترين. يقف العميل أمام الأرفف مقارنا بين الكمية والسعر. قليلون هم من يزيدون مستوي الفحص درجة إضافية, فيقرأون قائمة المكونات والنسب. تحت الضغوط الاقتصادية يبحث المستهلك عما يلبي احتياجاته الأساسية, ليصبح فحص المكونات ترفا لا محل له. تسويقيا, تعتمد بعض المحال في خفض السعر علي تقليص مخصصات الدعاية والإعلان, عادة لاتقل النسبة عن عشرة بالمائة في المنتجات الاستهلاكية, تتضاعف في مستويات الرفاه. كل قرش تنفقه الشركة يدفعه العميل, البراعة في قدرة الإعلان علي إقناع الزبون بفكرة أن دفع السعر المناسب, إن لم يكن الأقل. في شركات التسويق, تربط المرتبات بحجم المبيعات, لتتحول العمولة إلي محفز لجينات النشاط والعمل, وبتعبير أقل دبلوماسية, سوط يلهب ظهور الموظفين. علي مستوي الكتب, في الماضي, تولي الوراقون نشر وتوزيع الكتب لقاء دراهم معدودات. لا دعاية ولا إعلان, فقط مايتناقله القراء عن الكتب في أسمارهم, وربما انتظر الواحد منهم شهورا حتي يتمكن من قراءة كتاب, إلا إذا توافرت لديه القدرة المالية علي دفع تكلفة نسخة. يروي أن الجاحظ اعتاد استئجار دكاكين الوراقين بعد إغلاقها, فيبيت ليله يقرأ ونهاره يكتب.إمكانات بشرية محدودة, وآفاق علوم ومعارف تتفتح زهور بساتينها شيئا فشيئا. بدخول الطباعة الميكانيكية في القرن الخامس عشر, انقلب الحال, غصت أرفف المكتبات بذخائر الفكر الإنساني. فاض نهر الطباعة. امتزجت الثقافات عبر شلال الترجمة فتألقت الحضارة الإنسانية بأبعاد جديدة. مع الوقت تطورت تقنيات الدعاية لتواكب التطور, فأدوات التعريف ببضعة كتب تقف عاجزة أمام شلال لا يتوقف, فرضت نظم الإنتاج بالجملة نفسها فتطور التوزيع والإعلان ووسائل التوصيل. تشير الإحصاءات إلي أن عدد الكتب الصادرة سنويا يتجاوز المليوني كتاب, تتجاوز مبيعاتها المائة مليار دولار, ينفق أكثر من نصفها في ست دول( أمريكا, الصين, ألمانيا, اليابان, فرنسا, والمملكة المتحدة). يتجاوز عدد الكتب الصادرة سنويا في الصين الأربعمائة ألف كتاب متفوقة علي أمريكا بنحو مائة ألف. شعوب مثقفة متعلمة. علي الرغم من ذلك, يذكر ألفين توفلر, أحد أهم كتاب المستقبل, في كتابه الماتع حضارة الموجة الثالثة,( منذ منتصف الخمسينات, لا يمر عام دون موت مجلة كبري في الولاياتالمتحدة مثل لايف, لوك, إيفننج بوست, ثم تبعث من جديد, ولكن مثل شبح متهالك يحاول استعادة الأمجاد عبثا). ما زالت الكثير من سلاسل محلات التسوق الأوروبية( السوبر ماركت) تخصص ركنا لعرض الكتب. في العادة هناك قسمان, جديدة ومستعملة. للصدفة, قد تجد نسخا من ذات الكتاب في القسمين, ولا غضاضة من ذلك. المهم أن تقرأ. تشير أحد الإحصاءات تجاوز متوسط ساعات القراءة السنوية للمواطن الأوروبي المائتي ساعة, بينما تقل عند نظيره العربي إلي ست دقائق. عربيا, تحقق الروايات حجم مبيعات مرتفعا مقارنة بالكتب الأخري, كالشعر والمقال والدراسات النقدية والبحوث الاجتماعية والسياسية. علي مستوي التوزيع, يتطلب بيع ألف نسخة توزيع آلاف غيرها كهدايا, الأمر الذي يثقل كاهلا لمؤلفين وليس الناشرين. في العادة تدفع دور النشر لمشاهير الكتاب, الذين يضمنون لها عائدات عالية علي المبيعات. غاب شعار( احجز نسختك من الآن), وقت كان عامة الناس يتلهفون ويتلقفون كل ما يصدر من كتب. يترددون علي أكشاك البيع المنتشرة علي النواصي. يسألون عن الجديد, وربما تطلب الأمر دفع عربون, إمعانا في التأكيد علي جدية الشراء. [email protected]