ما بين المرارة والدموع وجد أهالي قرية الحوطا الشرقية والقري المجاورة لها أنفسهم معزولين عن المحافظة بأمر الطبيعة الجغرافية وصمت المسئولين بأسيوط الذين اختاروا الجلوس في مقاعد المتفرجين وعدم التحرك مبكرا للتعامل مع الفعل وانتظار وقوع الكارثة ومن ثم التعامل مع رد الفعل وهو ما يخلف العديد من الضحايا الأبرياء ممن لا ذنب لهم سوي تجاهل آدميتهم وتركهم يواجهون الموت والرعب في كل ساعة من عمرهم دون أن يتحرك له ساكنا... هذه المأساة تدور أحداثها يوميا بل في كل دقيقة تمر من عمر سكان قرية الحوطا الشرقية والقري المجاورة لهم الذين تقع قراهم شرق النيل في حدود مركز ومدينة ديروط شمال محافظة أسيوط ويفصل بينهم وبين العمران نهر النيل ولا يوجد أي وسيلة للتنقل من البر الشرقي إلي البر الغربي سوي عبارة نهرية متهالكة تعمل يوما واحد وتتعطل باقي الأسبوع وحينما تتحرك يعيش ركابها رحلة رعب لحين وصولها للبر الغربي.. يقول عبد الله محمد سيد محاسب أهالي قرية الحوطا الشرقية والقري المجاورة لها يعيشون مأساة إنسانية وانتهاكات صارخة لحرمات الموتي وتتطلب التدخل الفوري من محافظ أسيوط دون انتظار الخطط الخمسية القادمة أو الموازنة الجديدة بل يتطلب الأمر التدخل بشكل عاجل وعلي وجه السرعة فمشكلات القرية تختلف في الشكل والمضمون عن مشكلات كل القري في صعيد مصر, حيث دائما ما يشكون الأحياء احتياجاتهم الفعلية التي تشغلهم أما هذه القرية فمن يشكون أحوالهم هم الأموات وليس الأحياء فهمهم الأول والأخير ينصب في مشكلة واحدة وهي معاناة الأموات قبل أن يواري جسدهم في التراب في البر الشرقي من القرية الذي يفصله نهر النيل حيث تتعرض جثث الموتي لانتهاكات خطيرة أثناء توديعها إلي مثواها الأخير. ويضيف عامر محمود خليفة مزارع أن مشكلة قريتنا والقري المجاورة لها وهي القصير شرق ونزالي جنوب وبني يحيي شرق وبني زيد والشيخ عون الله وفزارة وتناغة وعزبة عطا والأبعدية أنها تقع في الجانب الشرقي للنيل ومدافن تلك القري تقع في الجانب الغربي لذا فقد تحولت رحلة دفن الأموات إلي عذاب حيث أن الوسيلة الوحيدة لنقل الموتي إلي الجانب الغربي هي العبارة أو الفلوكة وكلاهما يقودان إلي الموت بسبب تهالكهما هذا فضلا عن وصول العديد الجنازات إلي النيل ليجدوا العبارة متهالكة وبها أعطال ليأخذوا طريقا آخر بالذهاب إلي مدينة ملوي التابعة لمحافظة المنيا التي تبعد عدة كيلومترات لاستقلال عبارة نهرية من هناك للعودة إلي ذات المكان في الجهة المقابلة لدفن الموتي. ويوضح خالد حامد طه تاجر أن من أبرز المشكلات التي نعانيها أيضا هي عدم وجود مرسي تقف عليه العبارة بل أن الأمر بدائي للغاية ونضطر لاستقلال العبارة من خلال وسيلة الصعود السقالة المعدة لذلك تم تصميمها بشكل بدائي وعلي قدر الإمكانات المتاحة لدي هؤلاء الفقراء فلا يزيد عرضها علي50 سم وهنا تكون المأساة عند حمل الجثامين سواء في الصعود بها أو الهبوط فغالبا ما تتمايل يمينا ويسارا وينتهي بها الحال في الماء بعد سقوط حامليها بسبب ضيق مساحة السقالة أما ما يحدث لبقية المشيعين من كبار السن والنساء فأمر لا يصدقه عقل ولا يرتضيه أي إنسان عاقل حتي أن حدوث المهازل البهدلة بات أمرا شائعافي تلك الجنازات حتي أصبح تشييع الجنازة حدثا مؤلما ومحزنا لأهالي القرية. ويشير عبد الحميد خليفة سويفي عامل إلي أن الأهالي يعيشون يوميا رحلة رعب مع اللانش الحكومي الذي تتسرب إليه المياه ويضطر الركاب إلي الوقوف علي البلدورات الأسمنتية حتي لا تتبلل ملابسهم بالمياه التي تخترق سطح اللانش هذا فضلا عن ان الكثير من الأهالي البسطاء خصوصا النساء يضطرون إلي ركوب االفطاطب رغم ارتفاع تكلفته عن اللانش خوفا علي حياتهم من السقوط في النيل وهو ما أثر في المقابل علي عائدات اللانش الحكومي رغم إن جميع الفطاطات غير مرخصة. وانتقد أحمد عامر عباس طالب جامعي تجاهل المسئولين بأسيوط لمأساة ما يزيد علي10 قري تستخدم العبارات النهرية للوصول إلي المقابر لدفن الموتي هذا فضلا عن أن العبارة النهرية هي المنفذ الوحيد لأهالي قرية الحوطا الشرقية والقري المجاورة لها للذهاب لعملهم وكذلك الطلاب لمدارسهم وجامعاتهم ورغم تعدد شكاوي الأهالي عن طريق جميع وسائل التواصل الاجتماعي من انترنت ومقروء ومسموع ومكتوب لكن أيضا بلا جدوي تتكرر حوادث الغرق والإصابات من الزوارق الصغيرة ليلا ونهارا و لا حياة لمن تنادي فهل سيستجيب المسئولون لكل تلك النداءات والاستغاثات وصرخات الأهالي أم لا بالرغم من أن مطلب الأهالي لا يتعدي كونه وسيلة مواصلات نهرية تتمثل في عبارة أو اللانش ليس إلا.