يحتفل العالم اليوم بيوم الطفل, الذي تولي له الدول والحكومات اهتماما كبيرا علي كل المستويات أهمها الثقافي والفني, وكانت مصر من الدول التي تركز في أعمالها الفنية علي إنتاج أعمال للطفل, وتحمل بداخلها القيم الجيدة وترشده لذلك; حيث كان التليفزيون المصري عامرا بتلك الأعمال الدرامية منها زهور من نور, كوكي كاك, الرحلة, بلاد السعادة, وغيرها.., لكن منذ سنوات اختفت هذه الأعمال الدرامية والغنائية وغيرها ليصبح الطفل خارج حسابات صناع الفن, ويرجع البعض ذلك إلي أن الأعمال الموجهة للنشء لا تباع ولا يوجد لها رواج لاهتمام القنوات الفضائية بالأعمال الموجهة للكبار. يقول الفنان محمود الجندي والذي قدم أعمالا كثيرة ومتنوعة للأطفال: إن المسلسلات أو الأعمال الموجهة للطفل التي قدمها التليفزيون قبل سنوات كان هدفها نبيلا وساميا, مثل المشاركة في التربية وغرس القيم الجميلة في الأطفال لكي يكونوا نافعين لمجتمعهم فيما بعد, أما الآن لا يوجد من يهتم بالطفل أو بتقديم أي عمل فني له, وهو ما يؤثر بالطبع علي الأجيال الجديدة بالسلب حيث لا يري الطفل أمامه أمثلة جيدة أو قدوة توصل له القيم الحميدة من خلال عمل فني. وأضاف المنتجون الآن لا يهمهم تقديم مثل هذه النوعية لأنه لن يستطيع تسويقها فالقنوات الخاصة لا تهتم بمثل تلك الأعمال, وبالتالي لن تعود علي المنتج أي مكاسب مادية, لذلك كان هذا الدور المهم يقوم به التليفزيون بإنتاج أعمال جيدة ذات قيمة وموجهة للنشء. وأوضح الكاتب فداء الشندويلي الذي قدم أعمالا للطفل منها فوازير عمو فؤاد أن المسألة الأخطر من أن الطفل لن يجد أعمالا له بالتليفزيون, هو أنه سيضطر لمشاهدة أعمال تسبق عمره, ولا يصح أن يراها من في عمره, وهي مسألة في غاية الخطورة, مشيرا إلي أن الأخطر من ذلك هو لجوء الطفل لمشاهدة أعمال الرسوم المتحركة القادمة من الغرب ومعظمها يكون مادة موجهة لا تحمل قيمنا العربية وأحيانا يكون غرضها الغزو الثقافي وتدمير الأخلاق التي نحاول أن نغرسها في أطفالنا في البيت والمدرسة, وتكسر الأخلاق والدين فهي إحدي وسائل الاستعمار الثقافي. وأشار الشندويلي إلي أن الأعمال الموجهة للطفل كان ينتجها القطاع الحكومي الممثل في قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي, بهدف التثقيف والتوعية لكن كل هذا انتهي حتي المنتج لا يجرؤ أن ينتج عملا للأطفال لأنه يعرف أنه لن يستطيع تسويقه فمنذ سنوات لم نر عملا للطفل يحض علي القيم والأخلاق من مسلسلات حية أو رسوم متحركة. ومن جانبها قالت الناقدة ماجدة موريس: إن غياب الأعمال الموجهة للأطفال لها تأثير كبير علي الأجيال الجديدة ونري ذلك في تصرفاتهم, التي تميل للعنف وتقليد أبطال مسلسلات وأفلام الكرتون الأمريكية مما يعزل الطفل ويجعله يعيش مع خياله فقط, وأصبح التعامل مع الأجيال الجديدة صعبا, وهذا نتاج لغياب دور الدولة وغياب الثقافة الكاملة التي من المفترض أن توجه للطفل من خلال جميع المؤثرات الثقافية, حتي أن المذيعات الآن اختلفن عن زمان فعندما تقدم إحداهن برنامجا لأطفال تشعر وكأنها تفعل ذلك دون حب للموضوع لكن مذيعات زمان مثل ماما نجوي كن يقدمن البرامج بود وألفة. وأضافت أن الطفل مفتقد وجوده ككائن لا تهتم به الشاشات الصغيرة, فكانت القنوات محدودة وكان يجد نفسه, بينما الآن رغم تعدد القنوات فهو غير موجود, مما يجعله يلجأ لقنوات أجنبية بها أعمال تحمل سلوكيات غريبة, فينعزل الطفل ويغرد وحده بعيدا لأنه يشعر أنه ليست له قيمة.