أي موضوع أو مشكلة في الحياة, يمكن أن يكون لها أكثر من حل, فمن المستحيل أن تقف الحياة عاجزة عن الإتيان بحل ينهي الأزمة, فحتي أزمة الصدمة أو الموت, وجدت حلها في النسيان. ولكن المشكلة أن الإنسان أحيانا لا يضع بدائل لحل أزمته, فيكتفي بالبحث وراء الحل الذي يؤمن به, ويصر علي أنه الحل الوحيد لمشكلته, ويتجاهل فكرة الحل البديل, بالرغم من أن كل شيء في الحياة يحتمل وجود بديل, حتي ولو كان بشكل مؤقت, لحين الاستقرار علي الحل أو القرار النهائي, فالموت الإكلينيكي أحيانا يكون بديلا عن الموت الحقيقي, والنوم والإغماء قد يكونا غيبوبة مؤقتة, ومرض الزهايمر لايفترق كثيرا عن فقدان الذاكرة المؤقت. وهكذا, فالحياة تصر علي منح نسخ مشابهة لكل شيء, فلماذا لا يحاول الإنسان أن يضع أكثر من احتمال أو حل لمشاكله وأزماته. فأذكر قصة تحكي عن أحد الملوك, الذي حكم علي شخصين بالإعدام لجناية ارتكباها, وحدد موعد تنفيذ الحكم بعد شهر من تاريخ إصداره, وقد كان أحدهما مستسلما خانعا يائسا, وقد التصق بإحدي زوايا السجن باكيا, منتظرا يوم الإعدام, أما الآخر, فكان ذكيا لماحا, طفق يفكر في طريقة ما, لعلها تنجيه, أو علي الأقل تبقيه حيا مدة أطول, فجلس في إحدي الليالي متأملا في السلطان, محاولا أن يتعرف علي مزاجه, وماذا يحب وماذا يكره, فتذكر مدي عشقه لحصان لديه, حيث كان يمضي جل أوقاته مصاحبا لهذا الحصان, وخطرت له فكرة خطيرة, فصرخ مناديا السجان, طالبا مقابلة الملك لأمر خطير, فوافق الملك علي مقابلته, وسأله عن هذا الأمر الخطير, فقال له السجين, إنه باستطاعته أن يعلم حصانه الطيران في خلال سنة, بشرط تأجيل الحكم بإعدامه لمدة عام, فوافق الملك, حيث تخيل نفسه راكبا علي الحصان الطائر الوحيد في العالم. وعندما سمع السجين الآخر بهذا الأمر, كان في قمة دهشته, وقال لزميله: أنت تعلم جيدا أن الخيل لا يمكن أن تطير, كيف تتجرأ علي طرح مثل تلك الفكرة المجنونة؟!, فقال له السجين الذكي: أعلم ذلك, ولكنني منحت نفسي أربع فرص محتملة لنيل الحرية, أولاها أن يموت الملك خلال هذه السنة, وثانيتها أن أموت أنا, وميتة الفراش أعز من الإعدام, وثالثها أن الحصان قد يموت, ورابعها قد أستطيع أن أعلم الحصان الطيران!. وهكذا, وبرغم أن حكم الإعدام قد يكون أشد وأصعب الأزمات التي قد يتعرض لها إنسان, إلا أن هذا الشخص أصرعلي أن يضع لمشكلته احتمالات كثيرة لحلها, فلم يستسلم لها كزميله, ولم يفكر في فكرة الهرب, كحل وحيد لأزمته. فمن الذكاء أن نفكر بمرونة, ولا نجعل عقولنا متحجرة, ترفض الانصياع خلف فكرة وضع الاحتمالات, فهل ننكر أن أي معركة يمكن أن يتغير مسارها, فيضطر القائد إلي وضع الخطة البديلة; والسبب في ذلك أنه يتخيل جميع الاحتمالات, لذا لابد أن يكون جاهزا بالحل, حتي لا تتشتت أفكاره عندما يداهمه عنصر المباغتة. فالحياة مليئة بالفرص والاحتمالات, ومن ينجح فيها وينجو بنفسه, هو من يستغل تلك الفرص, ويسمح لعقله بتخيل كل الاحتمالات; حتي يكون مستعدا, ولديه الحل البديل, فأكبر وأهم سبب للفشل, هو عدم قدرتنا علي استيعاب المفاجآت, وعلينا ألا ننكر أن الحياة مليئة أيضا بالمفاجآت غير المتوقعة, عدم قدرتنا علي استيعابها, سببه ببساطة شديدة, تحجر عقولنا عن السماح بالخيال, الذي يضع كل الاحتمالات, والتي بدورها تؤهلنا إلي وضع أكثر من حل لأي أزمة مفاجئة, قد تعترضنا, لذا, كن مستعدا لكل احتمالات الحياة.