رئيس هيئة الاستعلامات: الكرة الآن في ملعب واشنطن لإيقاف اجتياح رفح    تعرف علي موعد تطبيق زيادة الأجور في القطاع الخاص 2024    تعرف علي أسعار العيش السياحي الجديدة 2024    عودة المياه تدريجيا بمنطقة كومبرة بكرداسة    غدا.. الطب البيطري بدمياط يطلق قافلة علاجية مجانية بقريتي كرم ورزوق    حملة مقاطعة شراء الأسماك: المقاطعة مستمرة حتى انتهاء أعياد الربيع وشم النسيم    ارتفاع مبيعات المساكن الجديدة في أمريكا بأكثر من التوقعات    مصر تنفي تداول أي خطط مع إسرائيل حول اعتزامها اجتياح رفح وتؤكد مجددا رفضها القاطع للعملية    بعد تأهل العين.. موعد نهائي دوري أبطال آسيا 2024    الخطيب يفتح ملف صفقات الأهلي الصيفية    الأهلي يفوز ببطولة أفريقيا للكرة الطائرة على حساب مولودية بوسالم التونسي    أمير هشام: إمام عاشور لم يتلقى عروض للرحيل ولا عروض ل "كهربا" و"الشناوي"    وفاة 3 اشخاص وإصابة 15 شخصا في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالشرقية    شم النسيم 2024.. الإفتاء توضح موعده الأصلي    شربنا قهوة مع بعض.. أحمد عبدالعزيز يستقبل صاحب واقعة عزاء شيرين سيف النصر في منزله    أول صورة من بروفات ليلة محمد فوزي ضمن حفل 100 سنة غنا    الموت له احترام وهيبة..تامر أمين ينفعل بسبب أزمة جنازات الفنانين    الاعتماد والرقابة الصحية توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة جهار- ايجيكاب    فحص 953 مواطنا بقافلة بقرية زاوية مبارك بكوم حمادة في البحيرة    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    طريقة تحضير دونات محلات.. اطيب دونات هشه وخفيفه حضروها بالبيت    تفاصيل.. دياب يكشف عن مشاركته في السرب    وزيرة الثقافة ومحافظ شمال سيناء يشهدان احتفالية تحرير أرض الفيروز بقصر ثقافة العريش    نائب سفير ألمانيا بالقاهرة يؤكد اهتمام بلاده بدعم السياحة في أسوان    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    منى أحمد تكتب: سيناء.. أرض التضحيات    ضبط طن وربع رنجة غير صالحة للاستخدام الآدمي في الغربية    تعرف على طرق وكيفية التسجيل في كنترول الثانوية العامة 2024 بالكويت    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    دعوة أربعين غريبًا مستجابة.. تعرف على حقيقة المقولة المنتشرة بين الناس    "مفيش أهم منها"|أحمد موسى يطالب بحضور 70 ألف مشجع مباراة بوركينا فاسو..فيديو    مدرب جيرونا يقترب من قيادة «عملاق إنجلترا»    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    بعد تعثر 10 سنوات.. محافظ أسوان يوجه بمتابعة استكمال مشروع مديرية الشباب والرياضة    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    عمال سوريا: 25 شركة خرجت من سوق العمل بسبب الإرهاب والدمار    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    تحت تهديد السلاح.. استمرار حبس عاطلين لاستدراج شخص وسرقة سيارته في أكتوبر    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برج المر

لا تطيق بيروت صبرا حتي تخبر زائريها بسر قوتها الناعمة. ما إن تطأ قدماك عتبة مطار رفيق الحريري حتي تطالعك وجوه لبنان بسماتها الشرقية وصبغتها الغربية وانحناءاتها القياسية.
مشغولة هي بيروت بمقاييس نسائها, تعب الخراط, وما تعبن. أمسكن بالفرشاة والقلم ورحن يحددن ويقسمن ويصبغن. اخترعن لكل زاوية وناصية مواصفات خاصة تتفاوت صعودا وهبوطا. مهووسات بالأناقة, وإن نسين أن ملابس النهار تختلف عن السهرة وتبتعد كثيرا عن ملابس البحر. لعن الله النسيان الذي أصاب كثيرا من بنات حواء فأنساهن تبديل ملابس المطبخ.
مرح وانطلاق, أقل ما يوصف به أهل لبنان. أينما وجدوا, يبحثون عن السعادة, يلقون بهمومهم في البحر أو أقرب سلة مهملات, بينما نحرص نحن علي ألا نخلع سترة أحزاننا صيفا وشتاء, ولا حتي لنغسلها, فنتخفف منها قليلا. ربما نخشي أن تختلط بكومات أحزان الآخرين فلا نعرفها. خبز عجين اللبنانيين بالفرحة والبهجة وعطر بماء الورد, وعندما جاء دورنا, لم نجد سوي دقيق الهموم والأحزان. إبان الحرب الأهلية اللبنانية, قسمت بيروت, وتحول أهم شوارعها التجارية, شارع الحمرا, إلي خط تماس يفصل بين شقيها الشرقي والغربي ويحتل القناصة نواصيه. علي مدار اليوم يسكن الشارع الموت والأشباح, فإذا ما حل وقت وقف إطلاق النار, عجت المقاهي بالزبائن وعمرت المحلات بروادها, حتي تظن أنك في مدينة أخري لا يعرف أبناؤها الحرب والدمار.
السياحة والاقتصاد, هما عصب اقتصاد لبنان. أكثر من ثمانية ملايين لبناني ينتشرون في أنحاء العالم أينما ذهبت وجدتهم تصحبهم شطارتهم في البيع والشراء, وجرأتهم في الاستثمار, بينما تتجمع تحويلاتهم بالعملة الصعبة في بيروت, لذا تنتشر محلات الصرافة علي النواصي, ومن لم يملك محلا وقف عند تقاطعات الطرقات يبيع ويشتري.
لبيروت طعم يتغير علي مدار الساعة, فما تتذوقه صباحا يختلف مساء. تتنوع النكهات, والقسمات, وتتغير التفاصيل. للسياسة, أيضا, حضور طاغ في أجواء لبنان, تلقي بصبغتها وظلها علي كل ما يقال, بداية من تحية الصباح, وانتهاء بالتظاهرات المفرطة في الديمقراطية. عمت القمامة الشوارع, فرفع المتظاهرون شعار( طلعت ريحتكم) في وجه الساسة, وبقي المعني واضحا.
ذاقت لبنان مرارة التفتت والتشظي والانقسام. زادت أسباب الهجرة سببا جديدا يضاف إلي كسب العيش, والرغبة في حياة أفضل. هل كان الوجود الفلسطيني في الجنوب اللبناني السبب المباشر للحرب الأهلية. ربما؟. ظهرت مليشيات مسلحة تحت رايات عقائدية وسياسية, مسيحيين, موارنة, شيعة, سنة, دروز, وثقل إسرائيلي, وجود سوري لا يمكن تجاوز دوره في الحياة السياسية والعامة. ذكريات قاتمة, شهدت تداول ادعاء انتصار فصيل علي آخر, بينما الضحية( لبنان) مسجي مضرج في دمائه يعلوه شعار القتل علي الهوية.
تعلم اللبنانيون من ماضيهم الكئيب مهارة السير علي حد السكين دونما جراح. ألزمهم التنوع المفرط في فسيفساء السكان اتباع البروتوكول اللائق والمناسب, حتي لو أسكرتهم خمر السياسة وظن البعض أنها القاصمة, تبقيهم شعرة معاوية علي اتصال. في وسط بيروت, وبالقرب من مبني مجلس الوزراء, لا يزال برج المر( نسبة إلي مالكه ميشيل المر) شاهدا علي الحرب, لم يكن قد انتهي العمل به عندما بدأت الحرب الأهلية, فاستخدمه القناصة مركزا لهم. انتهت الحرب, وما زال البرج علي حاله, ذاكرة ترفض الرحيل حتي بعد ما تحولت جدرانه إلي عيون من أثر الطلقات, وأفواه من أثر القذائف, ورادعا لمن يفكر في العودة إلي ماض لا يتناسب وشعب يعشق الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.