تحلم يوما ان تأخذ حقها من الدنيا مثلها مثل كل الفتيات من أقرانها وحياتها بائسة, خرجت إلي الدنيا لتجد نفسها غارقة في لجتها أحاطتها بحواجز زجاجية من اليأس واحباط تطبق عليها تكاد تخنقها فهي تعيش منعزلة خلف تلك الحواجز ولكنها تري الدنيا من حولها وتتعذب مما تري فهي غير الناس كلهم توفيت أمها وهي بعد لا تدرك الحياة في طور طفولتها وتركها والدها ورحل عن الدنيا ولم تتجاوز من عمرها منتصف العقد الثاني ولولا شقيقتها الكبري التي تولتها بالرعاية لضاعت في دروب الحياة والتشرد فقد وجدت ن أ ب نفسها خارج إطار الستر هي وأختها فقد كانتا تعيشان في حجرة واحدة مع أخيهما وزوجته وأولاده في بدروم إحدي العمارات بمنطقة الأميرية ولكن زوجة الأخ لم تكن لتطيق وجودهما فما كان منها إلا أن طردتها وأختها إلي الشارع لا مأوي يستر ولا أخ يرعي ولولا أيادي أصحاب القلوب الرحيمة من الجيران التي امتدت لهما بالعطف والرحمة لأكلهما الجوع والتشرد. الشقيقتان تتدثران بالسماء يلتحفان الرصيف ولم يجدا بابا تطرقانه غير باب الأهرام المسائي حيث جاءت الفتاة علي استحياء تستغيث.. قالت إن شقيقتها التي ترعاها علي وشك الموت فقد تلفت كليتها ولولا أولاد الحلال الذين ساعدوها في استخراج قرار علاج لها علي نفقة الدولة لكانت قد غادرت الحياة, ولكنها لا تملك ما يسد قوت يومهما فهي تذهب معها إلي مستشفي المطرية ثلاث مرات في الأسبوع لتغسل الكلي وتعودان إلي الرصيف حيث انعدمت ضمائر الأشقاء وتركوا عرضهم علي قارعة الطريق. الفتاة حكت حكايتها وشقيقتها من خلال دموع الخجل والحياء تملأ وجهها وترجو ألا أذكر اسمها فهي تتعفف السؤال ولو ماتت جوعا. قالت إنها كانت تحلم بالحياة المستقرة في كنف أبيها الذي أنفق عليها حتي حصلت علي معهد فني تجاري ولكن ما أن رحل الأب عن الحياة حتي أدارت لها الدنيا وجهها وعاشت في سيناريو من الشقاء والعذاب لا ينقطع. قالت وحمرة الخجل تملأ وجهها لا أطمع من الدنيا أن يكون لي حظ فيها وأن يأتيني من يريدني للزواج يوما فمن ذا الذي يربط حياته بفتاة هي الفقر والتشرد بعينهما ولا أعشم أن أكون أما في يوم من الأيام وأنا من لا تجد قوت يومها إلا بمد اليد تسولا واستعطافا.. ليس في يدي غير الدعاء لله من قلة حيلتي وهواني وأختي علي أهلي لعله يبعث لي من عباده من يسترني وأختي من افتضاح الطريق بأربعة جدران هم الستر والأمان او من يعينني بفرصة للعمل أستعين بها علي قوت اليوم وعلاج أختي التي تضيع مني يوما بعد يوم ولا أملك لها شيئا. الفتاة تناشد وزير الإسكان المهندس مصطفي مدبولي أن يرأف بحالها وحال أختها ويمنحهما مسكنا يأويها من إسكان الطواريء والحالات الحرجة كما تناشد الدكتورة غادة والي أن تمنحها وأختها معاشا استثنائيا باعتبار كل منهما امرأة معيلة فأختها طلقها زوجها بعد مرضها ولا ينفق عليها شيئا وهي لم يعد لها أحد من بعد وفاة أبيها.