في عام1936, مدينة المحلة الكبري قلعة الصناعة الوطنية, تعرف صلاح أبوسيف, العامل بشركة المنسوجات علي المخرج الكبير نيازي مصطفي, كان صلاح إلي جانب عمله في الشركة. يعمل صحفيا مهتما بشئون الفن, وهو ما جعله يلتقي بالمخرج الشهير, ليختاره للعمل في المونتاج السينمائي باستوديو مصر. وهكذا فإن أبوسيف المولود10 مايو1915(96 عاما بالتمام والكمال) دخل السينما من باب العمل الذي جعله يتبع الاشتراكية ويظل مخلصا لها حتي توفي في يونية1996, لدرجة انه كتب علي تتر النهاية في فيلم البداية من أواخر افلامه انه كان ينوي عمل هذا الفيلم خاليا من الدسم الفكري لكن الطبع غلب التطبع, فجاء الفيلم شرحا مدرسيا لفكرة الدولة من المفهوم الاشتراكي. كان لابد إذن من أن يتأثر أبوسيف في بداية حياته بالسينما الروسية, بحسب روايته لسيرته, قبل أن يكون له طريقه الخاص, وملامحه المعروفة, والبعض يتعامل مع صلاح أبوسيف باعتباره رائد المدرسة الواقعية, غير أن هذا القول يحتاج إلي إعادة نظر, فليس كل من حمل قضية واقعيا, حتي إذا كان هو نفسه يقول هذا, فصلاح أبوسيف نموذج للفنان الرومانسي, ليس فقط في أنا حرة الذي أخرجه عن قصة كتبها إحسان عبدالقدوس وشارك فيها بالتمثيل محمد عبدالقدوس والد إحسان وانما في رمزيته الشديدة, فصلاح استخدم الرموز في مشاهده بكثافة, بل وصل احيانا إلي حد الفجاجة, من ينسي مشهد القرنين في فيلم القاهرة30, ومشهد الثور او مشهد الخروف في شباب امرأة أو مشهد نفيسة في بداية ونهاية عندما ذهبت إلي البقال الذي اغواها فدفع لها نقودا تعويضا عن شرفها, فصرخ البائع في الشارع بيكيا. كل هذه الرموز تجعل واقعية صلاح أبوسيف امرا مشكوكا فيه, وإن كانت تدعم فكرة المخرج صاحب الأيديولوجيا, وهو ما تأكد تماما في فيلم الفتوة الذي أعتني بتشريح السوق وآليات السوق, فأصبح هو البطل, وليس فريد شوقي, فكانت هذه المرة الأولي التي يكون فيها البطل مكانا لا نجما, وهي الفكرة التي سيتم استتنساخها في عدة أفلام بعد ذلك اهمها شادر السمك لعلي عبدالخالق. كان التزام أبوسيف الفكري وراء نجاح كبير حققته افلامه, فعندما نتحدث عن أهم مائة فيلم في السينما( رغم تحفظنا علي فكرة عمل قوائم للأهم والأفضل) فإننا لابد أن نضع عشرين منها علي الأقل بتوقيع صلاح أبوسيف, وهو ما يبدو واضحا من اشتراكه المكثف في المهرجانات الدولية وتكريمه في عدد من المحافل الدولية, حتي إن أحد مشاهده في فيلم ريا وسكينة نال شهرة دولية كبيرة, وهو المشهد الشهير الذي يتم فيه قتل السيدة علي أنغام أغنية: الملاحة الملاحة, وأنا إيه ذنبي؟ وربنا يرحم الجميع.