في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ السياسة الأمريكية, وهي أن يتعرض رئيس سابق لهجو وهجوم جارحين, مثلما فعل الرئيس ترامب بسابقه الرئيس أوباما, واتهامه له بأنه مريض نفسي, وأنه قد يقاضيه نتيجة تصنته عليه بواسطة زرع أجهزة تصنت عشية الانتخابات, وأن ما فعله أوباما أخطر من فضيحة وترجيت. تلك الفضيحة التي أودت بالرئيس نيكسون عام1972, عندما اتهم بأنه المسئول عن اقتحام المقر الانتخابي للحزب الديمقراطي. الحكاية بدأت في ساعات الفجر الأولي من يوم السبت الموافق الرابع من مارس عندما خرج الرئيس ترامب مغردا وواصفا الرئيس أوباما في أربع تغريدات متوالية, بأنه كان يتصنت عليه, قبل فوزه بالرئاسة في نوفمبر الماضي. كان هناك عرف معمول به كنوع من البروتوكول يشبه القاعدة والقانون وهو أن يعامل الرؤساء السابقون باحترام لائق من قبل الرئيس الذي في السلطة, وهو ما لم يحدث الآن. بدأ سيل تغريداته التي هزت أمريكا, ومازالت أصداؤها تدوي بقوله في التغريدة الأولي: شيء مريع. لقد اكتشفت للتو أن أوباما قام بتركيب أجهزة تصنت في برج ترامب حيث أقيم. هذه ماكرثية. يقصد أن هذه الفعلة تشبه ما كان يحدث أيام السيناتورجوزيف ما كارثي, وسنوات الخوف والرعب والاتهامات التي عمت أمريكا في الفترة من19561947, والهوجة من الخطر الشيوعي الأحمر والتخويف منه, حيث كانت الاتهامات تكال ضد الضحايا الذين كانوا يودعون السجون وتلصق بهم التهم بدون أي أدلة. بعدها بدقائق, أتبع بثلاث تغريدات غريبة: هل يحق لرئيس أن بقوم بعمليات زرع أجهزة تصنت ليتدخل في السباق الرئاسي؟. هذه سفالة جديدة. أراهن أن أي محام جيد يستطيع أن يكسب قضية التصنت التي قام بها أوباما ضدي قبل الانتخابات. يالا سفالة الرئيس أوباما, وانحطاطه أن يقوم بالتصنت علي محادثاتي التليفونية. هذه تشبه فضيحة وترجيت أيام نيكسون. ياله من شرير مريض. ورغم التزام الرئيس السابق أوباما بالصمت حتي الآن, عدم تعليقه علي تلك الاتهامات الخطيرة, وتلك الكلمات المهينة الجارحة, إلا أن المحيطين به يقولون إنه غاضب من تلك الاتهامات وتلك الكلمات المقزعة بحقه. كما أن المحيطين بالرئيس ترامب يقولون إن أوباما يقود حربا شعواء ضد الرئيس ترامب, وأنه يمثل دولة عميقة تهدف الي تقويض رئاسته وإفشاله. لم يقدم الرئيس ترامب أي دليل للاتهامات التي كالها ضد الرئيس السابق, غير مطالبته المتكررة للكونجرس بضرورة إجراء تحقيق بخصوصها. نتيجة ذلك توجد مطالبات عديدة من الكثيرين من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين والجمهوريين بضرورة أن يقدم الرئيس ترامب الأدلة علي إتهامه الرئيس السابق, كما أنه لا يوجد أحد يصدق تلك الإدعاءات ضد الرئيس أوباما, لأن الأمر كان يستوجب الحصول علي موافقة قاض فيدرالي وهو ما لم يحدث. يجمع المحللون أن الرئيس ترامب استسقي اتهاماته تلك من موقع برايت بارت اليميني المتطرف, والذي كان يديره ستيف بانون قبل التحاقه بحملة ترامب الانتخابية, وإدارتها, ثم انتقاله بعدها للبيت الأبيض وتعيينه الإستراتيجي الأول للرئيس ترامب, وأنه هو الذي أقنعه أن ألرئيس السابق أوباما يقود الدولة العميقة لإفشاله. لم يقتصر الأمر علي مطالبات أعضاء الكونجرس بضرورة تقديم أدلة, ولكن تعداها الي خروج مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية ( إف.بي.آي), ومطالبته مرارا بضرورة أن تتبرأ وزارة العدل مما قاله الرئيس ترامب ضد الرئيس أوباما, وأضاف أن هذا غير حقيقي. بعدها بيوم خرج أيضا الرئيس السابق للمخابرات وكذب اتهامات الرئيس ترامب. كما أنه تم إستجواب مدير الإفبي.آي بالكونجرس يوم الجمعة العاشر من مارس. كل هذه الأمور ومعاداة وسائل الإعلام الأمريكية الصريحة والواضحة لإدارة الرئيس ترامب, منذ أن اتهمها بأنها عدوة الشعب الأمريكي, تجعله لا يفيق للحكم, وتظهرإدارته في حالة غير مسبوقة وغير معهودة من الفوضي العارمة والعجز.