عندما التقي الروائي البرازيلي الشهير باولو كويلو مع أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ, قبل يد محفوظ وقال له:طوبي لتلك اليد التي كتبت البحث. لباولو مجموعة قصص تدور حول اكتشاف الذات أشهرها هي قصة الكيميائي والتي ترجمت إلي ستين لغة ووزعت65 مليون نسخة. ويرفض باولو بإصرار ان تتحول قصصه إلي أفلام سينمائية( لو كان أديبنا نجيب محفوظ قد فعل نفس الشيء لربما نجا من سفاهة السفهاء), أما القصة التي أبهرته من أدب محفوظ فاسمها بالعربية الطريق وترجمتها الجامعة الأمريكية للإنجليزية باسمthesearch. صابر- بطل القصة- هو الابن المدلل لتاجرة أعراض شهيرة بالإسكندرية. أغدقت عليه والدته بالنقود وأبعدته بقدر الإمكان عن وسطها الملوث. لكنها وقعت تحت طائلة القانون فتم سجنها وصودرت ثروتها ثم عندما خرجت وجدت أن صابر قد باع جميع أملاكه وصار مهددا بالإفلاس. في هذا الجو الكئيب, فجرت والدته مفاجأة:ليس أمامك حل سوي البحث عن والدك. أجل انه موجود وقد كذبت عليك من قبل. والدك وجيه وعظيم وهو الوحيد الذي يمكنه ان يوفر لك الأمن والكرامة والسلام. مشكلتك الحقيقية ستكون في العثور عليه. لديك شهادة الميلاد وصورة الزفاف وقسيمة الزواج كإثبات لبنوتك. هيا إبدأ البحث من الآن قبل ان تنفد نقودك القليلة الباقية. في اليوم التالي توفيت والدته لتبدأ رحلة صابر في البحث عن والده. بعد محاولات للبحث لم تكلل بالنجاح في الإسكندرية, يقرر صابر السفر للقاهرة. يتعرف هناك علي كريمة زوجة صاحب الفندق الذي نزل فيه. امرأة في عز الشباب جذابة وفائضة الأنوثة وزوجة لعجوز في الثمانين. تعرف ايضا علي إلهام, فتاة ملائكية تعمل في الجريدة التي نشر فيها إعلانا للبحث عن والده. سرعان ما تنشأ علاقة آثمة بينه وبين كريمة, في حين ينجذب نحو إلهام ويحبها. عاطفته نحو إلهام رومانسية فهو يراها رائعة وبريئة وتحرك داخله جميع النوازع النبيلة والعواطف الراقية. أما كريمة فهو يراها مثله متمرغة في التراب ولكنه أدمن العلاقة معها وسيطرتها عليه أضحت طاغية. ها هي تحدثه عن تعاستها مع زوجها العاجز الغيور, هو العقبة في طريق حبنا, متي تختفي تلك العقبة وأرث الفندق والنقود ونعيش سويا معا. الإشارات تتكرر بإلحاح حتي في أعمق لحظات الحب وهو يتجاهلها, ولكن ينفد صبرها فتنقطع عن زيارته لفترة. ثم تخبره بأن زوجها بدأ في الشك ولا مناص من قطع العلاقة. صابر مهدد بالإفلاس فلا أثر لوالده والآن هو مهدد أيضا بفقد المرأة التي أدمنها. يواجهها:فلنتكلم بصراحة, تريدين مني أن اقتله؟. يتفقان علي خطة محكمة( هكذا يتوهمان) للجريمة. ويتحول صابر الي قاتل. يقرر إنهاء علاقته بإلهام فهو يشفق عليها من مصافحة يده الملوثة بالدماء. يواجهها بالحقائق:إفلاسه, عدم تعليمه, والدته كانت قوادة, لقد أحببتك عندما كان لدي أمل ان أجد والدي ولكني لا أستحقك. لدهشته فإلهام لم تتخل عنه, بل وفرت له المال ليبدأ حياة جديدة معها كرجل أعمال. يتعفف عن أموالها رغم أزمته الخانقة. ثم يتورط في قتل كريمة بعدما شك في خيانتها وأنها كانت تستغله. في السجن يزوره محامي أوكلته إلهام. يتعجب بشدة من موقف إلهام ويبكي من فرط التأثر. تنتهي القصة بحكم الإعدام وقبيل الحكم يجيء له المحامي بأخبار عجيبة عن والده الذي يعيش خارج البلاد. ناهيك عن الجوانب الشيقة في حبكة القصة, فلعل الجوانب الرمزية هي أعمق ما فيها. صابر نشأ في أعماق الطين ويبحث عن الأب. ذلك الوجيه العظيم الغامض المختفي والذي يرمز للكرامة والسلام والأمن وعندما لم يجده يتورط في جريمة قتل مع كريمة المتمرغة مثله في التراب, في حين كان أمامه طوال الوقت الكرامة والسلام والأمن ومعهم الحب مع إلهام الملائكية!!.