تحشرجت الصرخات في حلق الأم بعدما وقعت عيناها علي فلذة كبدها يترنح في الهواء وجسده النحيل معلق في حبل مربوطا يتدلي من سقف غرفته.. أمسكت الأم التي لم يسعفها عقدها الخامس من إنقاذ ابنها أحمد بما طالته يداها من قدميه تحاول إسعافه.. سبق هذا الموقف لحظات فقدت الأم النطق فيها بعدما صرخ عليها زوجها بصوت عال قائلا: الحقي أحمد.. ليه عملت كده يا بني فتركت ما بيدها مهرولة نحو غرفته تستكشف الأمر وما أن وقعت عيناها عليه أصيبت بحالة هستيرية ولم تشعر إلا بنفسها تمسك بزوجها تستفسر منه عن الذي حدث لصغيرها. ساعات طويلة عاشتها الأسرة المنكوبة قبل مآساتهم المبكية تستحق السرد دارت تفاصيلها في ربوع إحدي قري مركز طوخ. صرخ الأب في وجه ابنه ملقيا علي أذنيه كلمات العتاب واللوم لتفكيره في تلك الأمور حاليا طالبا منه التركيز في مذاكرة دروسه والاجتهاد ليكمل مرحلة تعليمه الجامعية ثم يفكر في الزواج بعد استقرار ظروفه المادية وإيجاد وظيفة يستطيع الإنفاق منها علي من وقع عليها اختياره. وقع صدي الكلمات علي مسامع أحمد الذي لم يكمل عامه الثامن عشر كلكمات في الجسد النحيل توقفت معها كل أحاسيسه ومشاعره لدرجة فقدانه الإحساس بقدميه التي كانت بالكاد تقوي علي حمله. شرد ذهن الشاب بعيدا ثواني معدودة أثناء جلوسه مع والده داخل صالة منزلهم باحدي ضواحي مركز طوخ محدقا بعينيه الواسعتين في وجه والده الستيني ينظر لحركات ثغر والده المتحركة بأكثر من مائة كلمة في الدقيقة محدثا نفسه ماذا فعلت أأرتكبت جرما بطلبي الزواج.. ؟..وأي ذنب هذا فأنا لم أقصد الزواج بل كل ما طلبت هو الارتباط بخطوبة ممن شعرت بأني أرغب في تكملة حياتي معها..هذا المشاهد مرت خلال دقائق معدودة لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. عاد أحمد بعدها لغرفته مغلقا بابها خلفه بكل قوة خلعت معها قلب والدته التي أسرعت تستفسر منه عن سبب غضبه من والده أثناء نقاشهما القصير ولكنه رفض الرد أو فتح باب غرفته.. جلس داخل الغرفة ممددا علي سريره تسيطر عليه حالة من الحزن والكآبة ينظر بعيون ثاقبة نحو السقف يستمع للأغاني العاطفية.. يردد كلماتها بأحاسيس شعر معها بالحرج الشديد والانكسار أمام محبوبته التي اتفقا علي العيش سويا. تضاربت المشاعر داخل نفس أحمد وفجأة أمسك بهاتفه وتأمل في صورة من وهبها حبه وقد كست صورتها شاشة التليفون يدقق في تفاصيل وجهها.. يتأملها كأنها شاخصة أمامه وأمسك بقلمه وبدأ في تدوين بيت شعر علي حوائط غرفته كان نصه معلق أنا علي مشانق الصباح وجبهتي للموت محنية التي لم أحنيها حيه- أتمني ألا نلتقي مجددا النهاية. كان اللواء سعيد شلبي مساعد وزير الداخلية لأمن القليوبية قد تلقي إخطارا من العميد إيهاب هاشم يفيد بورد بلاغ من عطية السيد62 سنة بالمعاش ومقيم بعزبة قرية الحصة بوفاة ابن شقيقته مشنوقا داخل غرفته. وبانتقال رجال المباحث بقيادة الرائد أحمد الخولي رئيس مباحث مركز طوخ للشقة تم العثور علي المجني عليه معلقا بحبل يتدلي من جنش بسقف حجرة نومه وبتفتيش غرفة المجني عليه وإجراء الفحص تبين وجود عبارة مدونه علي الحائط معلق أنا علي مشانق الصباح وجبهتي للموت محنية التي لم أحنها حية أتمني ألا نلتقي مجددا النهاية. بسؤال والد المتوفي صبحي طه60 سنة بالمعاش قال إنه منذ يومين حدثت مشادة كلامية بينه وبين نجله المتوفي لارتباطه بعلاقة عاطفية مع إحدي الفتيات وطلب الزواج منها فعاتبه علي ذلك لصغر سنه وأضاف الأب انه بعد ذلك توجه أحمد لغرفته وأغلقها علي نفسه. وبالاستماع لأقوال والدة المجني عليه أيدت أقوال زوجها ولم تشتبه في وجود شبهة جنائية وقالت إنها أخبرت شقيقها لأن لم تكن تعلم كيف تتصرف هي وزوجها.