سبق موقع انستجرام الإلكتروني الشهير كل النسخ الورقية من مجلات الموضة عندما ظهرت عليه صور مجموعة بيت أزياء لوي فيتون لملابس السيدات لربيع وصيف.2016 وكانت المفاجأة أن شارك في العرض جنبا إلي جنب مع عارضات الأزياء البنات الفنان الصاعد جادن سميث, مغني الراب الذي يبلغ السابعة عشرة من العمر وابن الفنان ويل سميث. مابدا صادما لكثيرين هو ظهور جادن مرتديا ملابس نسائية مكونة من جيب قصير وبلوزة مطعمة بحبات معدنية وشراشيب وجاكيت من الجلد, وبدت ساقاه عاريتين مع حذاء يشبه الأحذية التي ترتديها باقي العارضات. وليست هذه المرة الأولي التي يرتدي فيها الشاب جادن ملابس نسائية, فقد سبق وذهب إلي حفل تخرجه المدرسي الصيف الماضي مرتديا ثوبا قصيرا. ومع ذلك فإن ظهوره الأخير كان أكثر إثارة للدهشة. فمعروف أن جادن شاب غير شاذ جنسيا, كما لايبدو في الصور خليعا أو مخنثا, بل مجرد رجل يرتدي ملابس من غير المألوف- حتي الآن- أن يرتديها الرجال. فهل هذه واحدة من شطحات الخيال باعتبار أن الفنون جنون, أم أنها إشارة تفصح عما يخبؤه مصممو الأزياء للعالم من مفاجآت! المدير الفني لبيت الأزياء الشهير يقول: إن جادن شاب يمثل أبناء جيل الألفية الثالثة ممن يرفضون القيود وينشدون الحرية! وبالنسبة له فإن ارتداء الرجل ثوبا نسائيا ينبغي ألا يثير الاستغراب بالقياس لأننا نتقبل ارتداء المرأة للبنطلون والبدلة. هذا التعليق يؤكد أن الأمر ليس تقليعة, بل لعلها المرحلة الأخيرة من ثورة الموضة الذي بدأت في ستينات القرن الماضي وواكبت حركة تحرر المرأة, مجرد تطور طبيعي للاتجاه الذي ظهر حينها تحت مسمي أزياء للجنسين أو يوني سكس. فاليوم يمكن للبنات والأولاد أن يرتدوا الملابس نفسها, تي شيرت وبنطلون جينز مثلا. وقد صارت الفروق طفيفة إن لم تكن معدومة بين الألوان والنقشات التي تميز ملابس الرجال والنساء. وحتي تقليعة النحافة الشديدة بين البنات بحيث تختفي من الجسم الملامح الأنثوية, وتقليعة الشعر الطويل بين الرجال, وموضة الملابس الضيقة جدا للبنات والأولاد; كلها شواهد تؤكد أن المحاولات متعمدة ومستمرة عبر السنين لإزالة الفوارق في المظهر بين الجنسين. ومن الطبيعي أن تتعدي هذه التأثيرات عواصم الموضة الغربية, فكل شيء متاح لمن يتسوقون عبر الإنترنت وفي المولات التجارية المنتشرة حول العالم. وقد وصلت النزعة الاستهلاكية أوجها, وصار الولاء للماركات التجارية الشهيرة لاسيما بين الشباب حمي عابرة للقارات. وإذا كان اختيار الملابس حرية شخصية مكفولة للجميع, فينبغي علي الأقل أن نفكر ونفهم قبل أن نختار ونشتري لأن الملابس هي إحدي الأدوات المؤثرة للتعبير عن القيم وللترويج للأفكار والحركات الثقافية والاجتماعية. من غير المؤكد أن يعجب كل الشباب بملابس جادن سميث النسائية ويقرروا فورا ارتداءها, لكن المؤكد أن صوره علي انستجرام سلاح ناعم آخر في الحرب علي الرجولة والأنوثة. وقديما قال سيجموند فرويد, عالم النفس الذي ولد في منتصف القرن التاسع عشر; إن أول شيء ندركه عندما نقابل شخصا ما هو أن نتعرف علي جنسه; ذكرا أو أنثي. هذه العبارة التي كانت منطقية, أصبحت اليوم محل نظر لأن جنس بعض من نقابلهم اليوم قد يبدو ملتبسا ومحيرا. كأن جنسا ثالثا يعيش معنا في هذا العالم.